تحليل ثورة تشرين
صهيب أيّوب

الانهيار وزمن مريم نور

19 شباط 2020

كان يكفي رئيس شوفيني وحكومة «إيغوات» مضخّمة يرأسها رجل بصبغة كاحلة، كي تُجهز على ما بقي من هذه الدولة الفاشلة. ركامها الذي تعلّق بآخر خيطٍ هزيل يسقط أمام أعيننا وفوقنا وعلى رؤوس أطفالنا ومستقبلهم. ويحدث أن نرى بأمّ العين ونتحسّس من جيوبنا وآلامنا وخساراتنا أنّه جاء أخيراً. «من قلب العتمة»، على ما تقول فيروز، جاء. بل من قلب الدولة جاء. من أروقة السرايا والمصرف المركزي والبنوك الخاصة، وبحماية الجيش وقوى الأمن والشبّيحة والزعران والمحازبين والمطبِّلين والخوّافين، جاء. وقد انتظره اللبنانيّون الذين نزلوا بأجسادهم وضحكاتهم وهرجهم إلى الساحات، ثمّ بأصواتهم العالية وصراخهم وبكائهم، ثمّ بصدورهم العارية أمام الهراوات والغاز المسيل للدموع. ثمّ بإحباطهم وخيباتهم. انتظروا متوجِّسين، كما انتظروا النيزك، فجاءهم بدلاً منه الانهيار.


جاء زمن الانهيار برعاية اختصاصيّين وتكنوقراطيّين ووزراء بألقاب هلاميّة، أقلّها لقب دكتور. وها هم يطلبون الاستعانة بدكاترة مثلهم من صندوق النقد الدولي لتفكيك قنابل الانهيار الحاصلة، وفهْمِها وكتابة تقارير عنها ومن ثم الاستدانة و«الشحادة»، كي يصبح للانهيار صفة. وكي يوثَّق ويُؤَرشَف، ويتّخذ له كرّاساً بين دفّتَيْن سميكتَيْن على شاكلة كتاب حسّان «إنجازاتي». يُترَك في الأدراج للأجيال، لترى كيف استكمل هؤلاء ما بدأته سياسات فؤاد السنيورة وعقلية رفيق الحريري، وبنَتْ عليه واستحدثَتْه السياسة العونية والحزب اللهيّة ومعها طبقة الأوليغارشية والميليشيويّين الطائفيّين، من استنزاف وتدمير ونهب، للّحظة التي اختاروا الشخصية الأنسب لإعلان إفلاس الدولة. شخصية سنّية أشبه بشخصيات الكرتون. لا خيال فيها. رومانسية ملأى بالإنشاء والوعظ. فلم يكن أنسب من حسان دياب.


جاء زمن الانهيار، وسيكون له حكماً خصوصيّة لبنانيّة. رغم أنّ دولة اليونان المتخصّصة بتاريخ الإفلاس، استعرضت عبر وزير خارجيتها وضع لبنان وعرضت على رئيسه العاجز تقديم دعمها. لكن، بالطبع، حتى لو استلهم النموذج اليوناني ستكون له صبغة لبنانية، تفوح منها رائحة الفساد والمحاصصة والنهب. وفيما كان لبنان يصدّر لمحيطه فكرة القداسة وزمن القدّيسين وأفضل صحن حمّص في العالم، ها هو سيصدّر معنى وفكرة أن تدمَّر دولةٌ لتحمي اللصوص. ولا أسهل. الوصفة حاضرة: بنك، قوى أمن، وشبّيحة. ثلاثيّة موازية لجيش، شعب، مقاومة. معادلتان توصلان إلى هذا الزمن الذي يقترح علينا الحاكم بأمره حسن نصرالله مواجهته من خلال مقاطعة البضائع الأميركية. في زمن الانهيار، لا تشتروا نستله، بل حليب تعنايل، أو حليباً مبسْتَراً على الطريقة الخمينيّة. أو لا تشتروا. عودوا إلى القرى. ازرعوا القمح والشعير وربّوا الماعز والأبقار، كما تقول مريم نور. لهذا ينصحنا بها تاجر الإعلام تحسين خياط، صاحب العقارات الكثيرة، ويعيد حلقاتها المسجّلة. عودوا تصحّوا، كما تقول، صاحبة الرؤيا. جاء زمن الانهيار. لا بدّ من مريم نور بصورة واحدة مع حسان دياب.

آخر الأخبار

109 أعوام على الإبادة الأرمنية
حدث اليوم - فلسطين الثلاثاء 23 نيسان 2024 
مختارات من الصحافة الإسرائيلية 23/4/2024 
اردوغان يقترب من حلمه
23-04-2024
تقرير
اردوغان يقترب من حلمه
تركيا جزء من «قوّة سلام» في غزّة
مدير مركز البسمة الطبّي بعد تدميره
23-04-2024
أخبار
مدير مركز البسمة الطبّي بعد تدميره
نّاش أي نية للاستقرار خارج غزّة
السيسي يقمع تظاهرةً تضامنيّة مع نساء غزّة والسودان