تعليق ثورة تشرين
عليا كرامي

17 تشرين بعد عام ▪︎ الثورة التي خذَلْنا

20 تشرين الأول 2020

قد يُكتب الكثير من المراجعات عن انتفاضة 17 تشرين في ذكراها الأولى. قد نكتب عن فشلنا بالبناء على تلك اللحظة وبتنظيم أنفسنا او بتطوير رؤية سياسية موحّدة. قد نحدّد الأسباب التي منعتنا من تحقيق أي من مطالبنا الأساسية ونحلّل المسار الذي أدّى بنا الى الفشل. قد نراجع المشاعر التي انتابتنا عندما اعتقدنا أنّ فرصتنا كبيرة للتغيير ونعترف بوهم القوة الذي أوحى لنا بدورٍ اكبر من حجمنا. قد نعرض مراجعة عن دور جمهور الأحزاب وما إذا كانت طرابلس بالفعل بوصلتنا. قد نفكّك الخطابات التي شكّلناها حينها ونستذكر كيفية محاربتنا للنظام الأبوي ونعترف كيف أنّنا فشلنا بوضع حدود للتصرفات الذكورية على الأقل في أوساطنا. قد نبذل جهداً في النقاش عما إذا كانت ثورتنا ثورة أم انتفاضة. قد نستذكر ايضاً كيف بدأ النقد بفضح اختلافاتنا وتناقضاتنا. قد نقدّم سردية كاملة عن هزيمتنا ونقرّ بضعفنا وفشلنا وضيق مخيلتنا ونشكّك بقدراتنا الفكرية والسياسية. قد نراجع من استطعنا ان نشتم بسهولة ومما هبنا وقد نتساءل كيف مارسنا الرقابة الذاتية على شعاراتنا في الشارع. قد نبحث عن الأسباب المباشرة او غير المباشرة التي أنهت او لم تُنهِ بعد انتفاضتنا.

لكن كيفما راجعنا خطواتنا ومهما فعلنا، علينا أن تستذكر بوضوح أنّ انتفاضتنا كانت مسجونة وأننا كنا سجّانيها ومسجونيها في آنٍ.

انتفاضتنا كانت على المنظومة السياسية الفاسدة وعلى رموزها الطائفية من سمير جعجع الى حسن نصر الله مروراً بسعد الحريري. أردناها ثورات متعددة وبشعارات مختلفة، ولمَ لا؟ فراهنّا... وبدأ رهاننا يكبر على من ينتمي منّا الى جمهور الأحزاب والطوائف. اعتقدنا أننا إن احترمنا مساحات لكلٍّ منهم كي ينتفض بطريقته وتوقيته على سلطته، سنحمي الانتفاضة من الاصطفاف وسنستقطب عدداً أكبر من الثوّار تحت شعار واحد واسع ومطّاط: كلّن يعني كلّن. اعتقدنا اننا تعلّمنا من مظاهرات 2015 حين هاجمنا بلهفة «سلاح المقاومة» وخسرنا. فوضعنا هذه المرّة رهاناً ضخماً على هذا الشعار لعلّ الطناجر تُقرع في ضاحية بيروت الجنوبية.

لكن هل اعتقدنا فعلاً أنّ صمتنا سيسمح لجمهور حزب الله بالالتحاق بنا؟ هل أملنا فعلاً بأن يثور على سلطته، ونحن الذين لم نستطع ان نوجّه يوماً انتفاضتنا ضد من تحالف مع الفساد وحماه بقوة السلاح؟ قد نتفق او نختلف بمراجعاتنا، لكن علينا ان نتذكّر بأننا نحن من خزّن غضبنا بصمتنا ولم نصرخ ضد حسن نصر الله في وسط بيروت. رهاننا كان نابعاً من خوفنا، فسكتنا ننتظر جمهور الأحزاب للقيام بدورنا. اليوم وفي الذكرى السنوية الاولى علينا أن نستذكر أننا انتظرنا مطوّلاً كي تُستكمل انتفاضتنا، انتظرنا المستحيل كي يحصل. وبعمق انتظارنا هذا، نما خوفٌ عميق من خطوط حمراء رسمناها بأيدينا لنعزّز ما كنّا نخاف منه. برّرنا خوفنا بسذاجة سياسية هائلة ووقعنا في فخّ صنعناه لأنفسنا.

يبقى السؤال هل من معنى اليوم لأي مبادرة أو تحرّك أو شعار لا يتطرّق لحامي نيترات الأمونيوم؟ قد نسأل أنفسنا لماذا شُنق حسن نصر الله في وسط بيروت فقط بعد انفجار 4 آب؟ لماذا أعلنّا حينها فقط أنّه جزء لا يتجزأ من تلك المنظومة التي تقتلنا لا بل أنه هو من يقودها بقوة سلاحه؟ ماذا فقدنا بعد تلك اللحظة في تاريخ لبنان؟ او بالأحرى ماذا أدركنا عندما انتهت كل الفرص ومعها كل الكلام؟

ربما كانت خسارتنا للرهان على ثورة في الطوائف هي التي فضحت الخوف الذي حرّك هذا الرهان والذي خذل ثورتنا.

آخر الأخبار

غوغل تطرد 20 موظّفاً إضافياً لاحتجاجهم على صفقات الشركة مع إسرائيل
شرطة نيويورك تفضّ مخيّماً طلّابياً متضامناً مع غزة
فلسطين في الجامعات الأميركية
22-04-2024
تقرير
فلسطين في الجامعات الأميركية
معركة حريّة الأكاديميا والتعبير
مختارات من الصحافة الإسرائيلية 22/4/2024 
فرقة «نيتسح يهودا»
حدث اليوم - فلسطين الإثنين 22 نيسان 2024