تحليل ثورة تشرين
سامر فرنجية

المدينة تطرد محاصريها

13 كانون الثاني 2020

… طُرد النائب السابق إميل رحمة من أحد مقاهي الكسليك.

الخبر لم يعد غريبًا. سياسيّو لبنان باتوا غير مرغوب بهم في شوارع المدينة ومطاعمها وأماكنها العامة. في غياب المحاسبة القضائية، محاسبة اجتماعية: أنتم غير مرغوب بكم في هذه المدينة بعد اليوم.

... إشكال على خلفية طرد سعادة النائب سامي فتفت من مطعم Parrilla.

بدأ النظام حربه على المجتمع من خلال محاصرة مدنه. تمّ تسييج الساحات، مُنِع تسكير الطرقات، أُغلِق مجلس النوّاب، تمّت عسكرة المصارف، وأقفلت الحدود. المجتمع بات محاصرًا، السلطة انسحبت إلى ما وراء الأسوار، تبحث عن طرق للاستفادة من الأزمة وإعادة تشكيل ذاتها: حكومة تُشكَّل في كواليس بعيدة، صفقات مالية تتم في الفروع الرئيسية للمصارف، خطط قمعية تُوضَع في مكاتب الأجهزة الأمنية... الرد لم يتأخّر: إذا حاصروا مناطقنا، فسنطردهم منها.

... مطلوب دعم في الـABC حيث شُوهِدت سعادة النائبة ستريدا جعجع.

الأزمة وقعت ولا مفرّ منها. ما من عودة ممكنة إلى ما كانت الأمور عليه قبل 17 تشرين. هذا التاريخ لم يعد عابرًا، فهو يفصل بين حياتين، بين حياتنا كما كنّا نخطط لها ونتصوّرها، وحياة جديدة لم نعرف عنها بعد أي شيء غير أنها ستكون صعبة ومرّة. علينا التأقّلم إذن مع تدمير مكوّنات حياتنا. قد لا نستطيع مقاومة هذا التدمير، ولكن نستطيع على الأقل تعميمه: لا عودة إلى حياتنا الطبيعية، ولكن لا عودة أيضًا إلى حياتكم الطبيعية.

... طرد معالي الوزير يوسف فنيانوس من مطعم Aishti.

لم تكن الأمور دائمًا على هذا الشكل. فالمدينة كانت مليئة بأثرهم قبل الانهيار. مواكبهم المتعجرفة تجول في طرقاتها، وتخترق السيارات لكي يصل معاليه إلى موعده. المطاعم تعجّ بهم وهم يمتصّون بغرور سيغارهم ويضحكون بثقة مَن يمتلك المدينة. وجوههم لم تفارق البرامج التلفزيونية، حيث لم يكن يضاهي استكبارهم إلّا استهبالهم، استكبار من أصبح مسؤولًا عن بلد بالغلط. المدينة كانت مدينتهم إلى أن هدّموها، فاسترجعناها محطّمة ومشوّهة ومكسّرة. ولكنها لنا الآن، ركامها لنا، دمارها لنا، حصارها لنا.

... تلاسن بين نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي ومتظاهرين على خلفيّة طرده من مطعم Swiss Butter.

الثورة قطيعة، لا مفرّ من هذه الحقيقة أيضًا. قطيعة قد تأخذ أشكالًا مختلفة، منها النبذ الاجتماعي. أنتم لا تنتمون إلى هذا المجتمع بعد اليوم، ألقابكم وصفاتكم زالت مع عالم ما قبل 17 تشرين. صراعاتكم وخلافاتكم لا تعنينا بعد اليوم. تضحياتكم وعنفوانكم لن تؤمّن لكم حتى حجز طاولة في مطعم. ربّما لم ننجح في تجنّب دمار البلاد الذي فرضتموه علينا، ولكنّنا مع كلّ عملية طردٍ كهذه، نربح في معركة تحديد الـ«نحن»: نحن من طردناكم من المدينة.

...أنباء عن طرد فخامة الرئيس ميشال عون من صالونه في قصر بعبدا.

آخر الأخبار

بلدة حانين تشيّع مريم وسارة قشاقش
الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام المحكمة الجعفرية
تيك توك: سنطعن بقرار الحظر الأميركي 
الشرطة تعتقل طلّاباً وصحافيّاً في جامعة تكساس
مجلس النوّاب يطيّر الانتخابات البلديّة للمرّة الثالثة
مخيمٌ تضامنيٌّ مع غزّة في «سيانس بو»- باريس