تحليل ثورة تشرين
أمير كمال

ثورة مضادّة واحدة هنا وفي العراق

7 شباط 2020

ثمّة تجاهلٌ شبه كامل يسود العلاقة بين ثوّار لبنان والعراق. تجاهُل لا يُخرَق إلا بأغنيةٍ وعلمٍ مرفوعٍ هنا، ووقفةٍ تضامنيّةٍ صغيرةٍ هناك. هذه مصيبةٌ حقاً على الثورتَيْن. فالثورة اللبنانية والثورة العراقية هما جزءان من موجة ثوراتٍ عالمية واسعة تمتدّ من تشيلي إلى هونغ كونغ، وجزءان من الموجة الثانية للثورات العربية التي تمتدّ من لبنان إلى السودان. ورغم الاختلافات بين هذه الثورات جميعاً، فإنّها تتشابه لجهة الأسباب وأساليب المواجَهة. ولكن بين كلّ هذه الثورات، قد تكون ثورة لبنان والعراق الأكثر تأثُّرًا واحدتُهما بالأخرى، من دون أن ينفي هذا التأثير المتبادل الفروقات الشاسعة بين البلدين في المجتمع والثقافة والاقتصاد.

أوّلاً، يُعَدّ النظام السياسي للعراق «ديمقراطياً طائفياً»، وقد نسخه الأميركيّون من التجربة اللبنانية بعد غزوهم للعراق، نظراً لـ«نجاحه» الخارق في ترسيخ ازدهار لبنان وخلقه لحَوْكمة نظيفة هناك. ثانياً، شيئاً فشيئاً، بدأ يبرز رفض نهج المحاصصة والطائفية في ثورة العراق بالدرجة نفسها التي يبرز فيها في لبنان. ثالثاً، تُؤخَذ قرارات العراق خارج بغداد مثلما تُؤخَذ قرارات لبنان خارج بيروت، وإن كانت الأصوات المطالبة بسيادة العراق أعلى من الأصوات اللبنانية السياديّة. أخيرًا، تشترك الثورتان بلامركزيّتهما، وهما متوازيتان زمنيًا، وإن كان العراق قد سبقَ لبنان بـ17 يوماً.

تشكّل الأهداف والمعاناة المتشابهة سبباً كافياً لاطّلاع ثوّار البلدَيْن على مجريات الأحداث هنا وهناك، وحتّى للتضامن والتنسيق. لكنّ الأهمّ من ذلك، هو أنّ نجاح الثورتَيْن في لبنان والعراق مترابط، وقد يكون نجاح واحدةٍ مشروطاً بنجاح الأخرى. ولعلّ أصحاب القرار في البلدين يعرفون هذا الأمر جيّداً، فلا يكفّون عن توجيه التحيّات لبعضهم بعضًا. هم يتعاملون مع الساحتَيْن كساحة واحدة، والسلطة نفسها هي التي تؤكّد ذلك.

هذا ما يشي به، مثلاً، عنوان «بغداد ــ بيروت: حكومتا «المسار والمصير»» الذي تصدّر غلاف جريدة «الأخبار» التي تمتاز بوفرة «المصادر المطّلعة» كونها قريبةً من قوى الأمر الواقع. وممّا جاء في المقالة موضوع الغلاف: رُهن أي انفراجٍ حكومي في لبنان بانفراجٍ حكومي في العراق؛ والعكس صحيح. هنا، عودةٌ إلى مقولة أن «الساحتين» باتتا «ساحةً واحدة»، وفق منظور رعاة العمليات السياسية في الشرق الأوسط. في الكواليس، لم يعد المؤثّرون الإقليميون والدوليون في المنطقة يؤمنون بـ«أحادية» الساحات… لذلك، فإنّ الحلّ السياسيّ المتّبع لمعالجة الساحتين/ الساحة من قبل «المؤثّرين الإقليميين والدوليين» متشابه (بالمناسبة لا أدري من هم المؤثِّرون الدوليون. فهل دخلت روسيا أو الصين على خط تشكيل الحكومات وتوزيع الحصص في بغداد وبيروت؟). ذلك أنّه ثمّة من يقول إن علّاوي «نسخةٌ» عراقيّة عن دياب، في ظل تشابك الساحات الإقليمية، وتحوّلها إلى ساحةٍ واحدة.

غداة اغتيال قاسم سليماني، أشارت بعض الأنباء إلى أنّ الإيرانيّين قرّروا عزل حلفائهم القدامى لمصلحة مقتدى الصدر من أجل مواجهة الأميركيّين، وذلك بـ«توصية» من الأمين العام لحزب الله. لكن رغم الشعبية الواسعة التي كان يملكها الصدر (وقد انخفضت بقوّة إبان الثورة ثمّ بعد انقلابه على الثورة)، والتي منحت تياره الفوز بأكبر عدد من المقاعد النيابية، فشلت الخطّة أو أنّها، على الأقلّ، لم تنجح بعد. على أي حال، إن كانت تلك أنباء صحيحة أم لا، وإن استطاعت أم لم تستطع «سرايا السلام» التابعة للصدر أن تقمع الثورة بالقوّة بعدما فشلت بالنصيحة، فإنّ علينا أن نواجه الثورة المضادّة الواحدة بتعاون مُكثَّف. وإلا فإنّنا سنكون أمام ثورة مضادّة مشكَّلة من أطراف عديدة، لكن سيواجهها كلٌّ منا بمُفرده.

آخر الأخبار

قضية الأسبوع

مسيّرات إيرانية، إبادة إسرائيلية، ممانعات عربية

ميغافون ㅤ
حدث اليوم - فلسطين  الجمعة 19 نيسان 2024
«لا مجاعة في غزّة»
جعجع: الأمن الذاتي بحجّة مكافحة النزوح السوري
اجتياح رفح 
الإفراج عن الأكاديمية نادرة شلهوب كيفوركيان