يوميات ثورة تشرين
ريان ماجد

في يوم من أيّام الثورة

10 تشرين الثاني 2019

الساعة السابعة صباحاً. صوت قادم من الشارع: الشعب يريد إسقاط النظام. أفتح عينيّ، أقفز من السرير بنشاط وفرح نادرين، ألبس سريعاً وأنزل الى الشارع لألتحق بالأصوات. كانت قد وصلتني رسالة في الليل بأن تلامذة المدارس المحيطة ببيتنا لن يدخلوا صفوفهم صباحاً، بل سيتجمّعون أمام المبنى الجميل السابق لمدرسة ليسيه عبد القادر، ليمشوا بمسيرة الى وزارة التربية. ما عم نحضر دروسنا لنعلمكن درس، أهلنا مش قادرين يدفعوا الضرائب، ردّوا المال المسروق، وظيفة بالوسايط والمنهج نصو بايت، عصفّي منّي فايت ليسقط النظام…


بدأت ثورة التلامذة. الساعة التاسعة، أوصلُ ابني إلى مدرسته. لأربعة أيام، أُعلنَ دوام بدء الدراسة 9:30 بدلاً من 7:20. يا ريت بتبقى الثورة على طول، علّق إبني.

لأول مرّة، بدت لي وجوه الأطفال وأهلهم والمعلّمات اللواتي يستقبلن التلاميذ على باب المدرسة وجوهاً ضاحكة تنبض بالحياة والنشاط. ففي العادة، نتصبّح بوجوه شاحبة وعيون ناعسة وأطفال يجرّون شنطهم الثقيلة وأجسامهم التي لم تستيقظ بعد.

التاسعة والنصف، ألتحق باعتصام أمام وزارة العدل. القضاء مسيّس يا حلو، لا لا الساحة ما نتركها، على دلعونة بيكذب ما بيصدق عهد الليمونة. الحماسة والفرح والضحكة والانبهار ذاته يتجدّد كلّ يوم، وكأنّ كلّ يوم هو أوّل يوم ثورة. من العدلية إلى مقر الـTVA، نحن الثورة الشعبية، نحن الناس نحن الشارع بالأساس، ويللي بدو ثورة كلاس ما يطالب بالحرية. زغاريد وطبل ومزمار ورقص مع غضب عارم لا يخفّ هو الآخر بل يزداد حدّةً تجاه السلطة.

من جسر العدلية، تلقى التحية للسجناء الأجانب الذين يقبعون في سجن العار تحت الجسر ذاته. من هناك، تُكمل المسيرة طريقها لملاقاة طلاب جامعة AUST المعتصمين أمام باب جامعتهم. كانوا قد تعرّضوا للقمع من قبل إدارتهم. تتلاقى الأصوات والابتسامات والهتافات. يا للعار يا للعار، جامعة بتقمع ثوار.

إلى سبينيس في الأشرفية، التي تنتهك إدارتها حقوق عمالها، تحية للعمال ويسقط رأس المال. قبل الوصول إلى جامعة البلمند، أيادٍ تمتدّ من وراء قضبان مدرسة البشارة لتحيّي المتظاهرين. بحسب الواقفات خلف القضبان، لقد حبست إدارة المدرسة أساتذتها لمنعهم من المشاركة. نحن مساجين الثورة. وهيدي الثورة شهادتنا، يهتف طلاب جامعة البلمند المعتصمون. ويلتحق بهم أطباء وطبيبات من مستشفى الروم.

أكملت المسيرة طريقها في شوارع بيروت. ينقص العدد في أماكن ويزيد في أماكن أخرى، إذ يلتحق بها أشخاص جدد، ويغادرها أخرون. أغلب الناس يومها، في سياراتهم في عجقة السير، أو على الشرفات أو على أبواب المحلات، كانوا يهلّلون ويضحكون ويرفعون إشارات النصر.

في الوقت ذاته، كانت تصل صور وفيديوهات المسيرات والتظاهرات التي تجول لبنان كلّه، وصور لعدد رهيب من النساء اللواتي يضئن الشموع في وسط بيروت . الساعة الثامنة مساءً، بدأت أصوات قرع الطناجر تأتي من كلّ مكان. شرفات أو نوافذ مضيئة، خيالات أشخاص وقرقعة طناجر. شعور بالأمان بعد سنين وسنين من العزلة والإحساس بالغربة عن الناس المحيطين بك في الحيّ والمدينة والبلد.

يكفي أن ترى نوراً وتسمع قرع الطناجر لتشعر بالانتماء والحب.


ينتهي النهار بمراجعة دليل الثورة لمعرفة برنامج اليوم التالي، فتنام مسرعاً في انتظار الصباح. الساعة السابعة صباح اليوم التالي: الشعب يريد إسقاط النظام.

آخر الأخبار

حدث اليوم - #فلسطين الاثنين 18 آذار 2024
مختارات من الصحف الإسرائيلية 18/3/2024 
الهوموفوبيا سلاح «شرعيّ» لمواجهة نواب بيروت المعارضين
بوتين يذكُر نافالني لأوّل مرة بعد الفوز بولاية خامسة
العالم يهبّ لنجدة السيسي
إخلاء سبيل مكرم رباح بعد استدعائه من الأمن العام