تعليق الحرب على لبنان
سامر فرنجية

بعد الصواريخ، الرصاص

28 تشرين الثاني 2024

عشرون دقيقة تفصل بين الهزيمة والنصر

كان النهار الأخير من الحرب أشبه بحالة من التنافر أو الضيعان. أخبار عاجلة عن قصف شبه عشوائي تتنافس مع أخبار أكثر عجلة عن وقف إطلاق نار وشيك. بقيت الأمور على هذا الإيقاع حتى الساعات الأولى من الليل، لكي تحضّر الدول مراسم إعلان الاتفاقية، فهناك مسار رسمي يجب احترامه. وفي الساعات الأخيرة، أعطيت للجيش الإسرائيلي فترة سماح لكي «يفشّ خلقه». فقصف ما يريد، حتى الساعة الرابعة فجراً. الجيوش النظامية تتعامل كالأفراد أحيانًا وتحتاج إلى فشة خلق أخيرة. 

مع الفجر، انتهت الحرب على لبنان. لم ننتظر الكثير لبدء الحرب في لبنان. بعد بضع دقائق على آخر قذيفة، بدأ الرصاص يلعلع ويتساقط، عشوائيًا أيضًا، احتفالًا بانتهاء الحرب والنصر الحتمي. عاد خطاب النصر، محمولًا من رصاصات طائشة وخطابات رنانة فوق الركام ومسيرات عودة. المرونة الداخلية التي أبداها حزب الله وهو تحت القصف، بدأت تزول، فطالب «باستفتاء لتبنّي المقاومة» في تشييع أمينه العام حسن نصرالله. 

بين الكارثة والنصر، أقل من عشرين دقيقة. 


هزيمة في الخارج، نصر في الداخل

لم يكن أحد يتوقع أن يخرج حزب الله في خطاب نقد ذاتيّ، أخذًا بالاعتبار قناعة معظم اللبنانيين بأنّ هناك كارثة حلّت بالبلاد. لكنّ في هذه العودة السريعة لخطاب النصر شيئاً من الفجور أو حتى الوقاحة. فحتى أصحاب النصر هذه المرّة غير مقتنعين به، ما يزيد من فجور هذا النصر. 

ربّما كان هناك سبب للاحتفال بالنسبة لمن يعود اليوم إلى منزله، بعد أشهر من العناء، وليس من حق أحد التعالي على هذا الإحساس. وربّما كان الاحتفال بالنصر ومسيرات العودة جزءاً من الحرب الدائرة مع الخصم. 

لكنّ هذا الرصاص لم يكن موجّهاً إلى السماء المحرّرة من طيران العدو ودروناته، وهو رصاص أظهر عقمه على مدار الأشهر الماضية. ولم يكن رصاصاً عشوائياً، لمجرّد الاحتفال بعودةٍ طالت أشهراً، إن لم تكن سنة. هو رصاص موجّه إلى الداخل. فالجميع يدرك أنّ «النصر» ليس إلّا بضاعة داخلية، تقاس في موازين القوى بين الطوائف وأحزابها. 

الحرب مع إسرائيل، أمّا النصر، فعلى «خصوم الداخل».


التكرار في الانهيار

من الصعب مشاركة المنتصرين «نصرهم»، وإن كنّا نشاركهم فرحة انتهاء الحرب. لكنّ الفرحة لا تعني النصر، خاصة إنّنا نعود جميعنا إلى بلد الانهيار، ولكن في حالة انهيار أكبر. فالانتصار، إن كان هناك من انتصار، هو نجاح المقاومة في الحفاظ على هيكلها بعد كل الضربات. إن كنتَ بالحزب، ربّما كان هذا إنجازاً. لكن إن لم تكن، فالصورة بعيدة كل البعد عن النصر. 

ومهما كبر انتصار حزب الله بنظر نفسه ونظر أبواقه، فهو لا يختزل البلد. انتصاره ليس نصرًا لأنّ البلد ليس حزب الله. وإذا كانت هذه الحرب قد فُرِضت على الحزب، كما أكدّ أمينه العام السابق، فإنّ الخروج منها وتفادي النزاع الداخلي مسؤوليته الحصرية. فخطاب النصر والاستفتاء على نهج الراحل ورصاص الابتهاج لن تفيده إن دخلنا في خضم النزاع الداخلي. 

النصر في الحروب الأهلية مستحيل، مهما ولّى زمن الهزائم.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
مختارات من الصحافة الإسرائيلية 3/12/2024 
حدث اليوم - الثلاثاء 3 كانون الأول 2024 
مصطفى الذي لم يغادر حارة حريك
03-12-2024
تقرير
مصطفى الذي لم يغادر حارة حريك
نتنياهو: وقف إطلاق النار لا يعني انتهاء الحرب 
ما هي الفصائل المُشاركة في عمليّة «ردع العدوان»؟
الراعي جمال صعب شهيدٌ جديدٌ للخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار