الدواء من أساسيات الحياة، وتوفره بسعر مقبول من أبسط حقوق الناس. هذه القاعدة البسيطة والمبدئية خرقها «كارتيل الدواء» من خلال سيطرته على سوق الأدوية، ما خوّله التحكّم بأسعار الأدوية ونوعيتها ووفرتها. فتحوّلت، مع الأزمة، الأدوية إلى كماليات، متاحة لقلة، وفق سياسات الشركات ومصالحها.
الاحتكارات والوكالات الحصرية من أسس النظام الاقتصادي اللبناني، وشكّلت على مدار عقود الدافع الأساسي لتحويل الاقتصاد اللبناني إلى اقتصاد قائم على الاستيراد، وبالتالي، اقتصاد مدمن على العملات الصعبة. وفّرت هذه البنية أحد شروط الأزمة الراهنة، وبالتالي بات مطلب كسر الاحتكارات مدخلًا أساسيًا للخروج منها، كما يحاجج ملف «التجارة بصحة الناس: كارتيل الدواء والهيمنة على القطاع الصحّي».
لكنّ ميزة «كارتيل الدواء» هو أنّه لا يتحكّم بالاقتصاد فحسب، بل بصحّة الناس وحياتهم أيضاً. فهو لا يسيطر على الأسعار فحسب، بل يفاوض أيضاً السلطة السياسية من خلال التلاعب بوجود الدواء، مع عواقب كارثية. من هنا، فإنّ تفكيك الكارتيل بات مطلبًا أساسيًا لتوجيه الاقتصاد وإعادة بعض مفاهيم العدالة إليه.