رحل اليوم الكاتب التشيكي-الفرنسي ميلان كونديرا بعد 94 عاماً من الخفّة، شعورٌ اتّسمت به كتاباته في مواجهة ثقل الأفكار اليومية، وثقل التيارات السياسية الشمولية.
كانت «المزحة»، روايته الأولى (1967)، قد نقلته من ضفّة الحزب الشيوعي التشيكي إلى ضفّة المُعارِض للحزب، المَنفي إلى فرنسا. مُنعَت الرواية في تشيكوسلوفاكيا لنقدها سياسات الاتّحاد السوفياتي، بالتزامن مع «ربيع براغ». وقد أعطى كونديرا هذه المحطّة دفعةً عالميةً جديدة عام 1984، في كتابه الأشهر «خفة الوجود التي لا تُطاق».
بعيداً عن السياسة، صُنّفَت كتابات كونديرا كأدبٍ فلسفي، إذ عالج تساؤلات «ثقيلة» بشكلٍ روائي، من الحب إلى العلاقة بالآخر وبالموت، إلى الإباحية المتكرّرة بين شخصياته، وسؤال الهوية والانتماء والوطن— متمسّكاً على الدوام بنفس السخرية، السخرية من التاريخ، من الصدفة، ومن الواقع.
للكاتب الكفكاوي مقابلات نادرة، إذ اختار الابتعاد عن الشاشات والإعلام وحتّى عن التكنولوجيا. كانت زوجته، فيرا، هي التي تنسّق شؤون النشر والإدارة والتواصل مع «العالم الخارجي». وقد عاشا سوياً في منفاه الباريسي، من العام 1975 حتى وفاته هناك صباح اليوم الأربعاء.