تعليق فرنسا
سامر فرنجية

نهاية شهر انتخابي طويل

10 تموز 2024

تقلبّات ديمقراطية

لم يكن أحد يتوقع نتيجةً كهذه لهذا الشهر الطويل من الانتخابات الفرنسية. صعود مخيف لليمين المتطرف، حل متسرّع لمجلس النواب، دورة أولى من الانتخابات تضع اليمين المتطرف على أبواب الحكم، دورة ثانية تجزّئ المجلس مع أكثرية نسبية بسيطة لليسار. نجح «السدّ الجمهوري» بالتصدي لصعود التطرف اليميني وتفادي الكارثة التي تسبب بها الرئيس الفرنسي. وبرهنت الديمقراطية، المتمثلة بأرقام مشاركة عالية، قدرتها على إدارة الخلافات والحد من التطرف، وإن كان ثمن ذلك أزمة حكم قادمة.


أزمة حكم قادمة

الثمن، إذن، أزمة حكم. فليس سرًّا أنّ فرنسا قادمة على أزمة تشكيل حكومة، ومن بعدها إدارة هذه الحكومة، في ظل مجلس نواب مقسوم، مع رئيس جمهورية ضعيف ومعارضة من قِبل «التجمع الوطني». فالحكومة القادمة، أيّ حكومة، ستكون نتيجة تحالفات وتسويات، قد تستبدل وضوح المواجهة الانتخابية بـ«الوسطية» ذاتها التي أوصلت الوضع إلى ما هو عليه. وفي وجه هذا الاحتمال، هناك معارضة شرسة ليمين متطرف، نجح في فرض نفسه كالحزب الأول بفرنسا اليوم، رغم خسارته. 


الحزب الأقوى

في وجه تسويات الحكم، ثمّة معارضة شرسة للحزب الأول في فرنسا، أي «التجمع الوطني»، الذي بات يواجه معضلة الوصول إلى الحكم ديموقراطيًا. فرغم تقدّمه، وهو الحزب الذي نال أكبر عدد من الأصوات، سيبقى هناك حاجز جمهوريّ، يستعين بطبيعة الانتخابات للحدّ من ترجمة هذا التقدّم مؤسساتيًا. لكن نجح هذا التيار بفرض أفكاره، بما في ذلك تطبيع العنصرية في الخطاب الإعلامي، ولن تغير ذلك نتائج الانتخابات الأخيرة. وهذا التطبيع مرشح للتزايد إن لم يواجَه إلّا بمياعة حكومة «وسطية» تقوم على تسويات انتخابية. فالحاجز الجمهوري لن يكون دائمًا حاجزًا مانعًا، خاصة في ظل سياسة متقلبة ومائعة.


السياسة المائعة

يمين متطرّف يكتسح الانتخابات، ومن ثم يخسرها بعد أقل من شهر.
«جبهة شعبية» غير موجودة، قبل أن تفوز بالانتخابات بعد أقل من شهر.
رئيس يحل مجلساً ويخسر كتلته ومن ثمّ يستعيد جزءاً منها ليبقى بالحكم بأقلّ من شهر. 

ما أظهرته الانتخابات الأخيرة هو تقلبّات السياسة الراهنة ودور الإعلام، خاصة الجديد منه، في رسم حدودها ومنطقها. فالفارق بين حكم يمين متطرف وآخر يساري كان نتيجة نظام انتخابي أفسح المجال أمام أسبوع من إعادة ترتيب الأوليّات. لكنّ نظاماً كهذا قد لا يكون دائمًا فعالًا في وجه سياسة تتقلّب بحسب الألاعيب الإعلامية، إلى حد الميوعة. وهذه الميوعة هي الأرضية المفضلة لصعود الفاشيات. 


«الجبهة الشعبيّة»

في وجه الفاشيات، قامت تجربة وحدة اليسار تحت شعار «الجبهة الشعبية الجديدة». لكن تجربة «الجبهة الشعبية» الأصلية في الثلاثينات، والتي لم تدم أكثر من سنتين، كفيلة في إظهار الصعوبات أمام مشروع يساري، أقلوي، بمجلس اكثريته يمينية، وقائم على تحالف عمره أقل من شهر. قد لا تشكّل الجبهة حكومة، لكنّ التحدي يبقى ذاته، كيف تعاد السيطرة على خطاب عام بات يميل، بميوعاته، نحو تطرف قاتل. وهذا ما سيشكّل الفارق بين اعتبار ما جرى الأحد الفائت خسارةً لليمين المتطرف أو مجرّد تأجيل لفوزه.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
ما هي الفصائل المُشاركة في عمليّة «ردع العدوان»؟
الراعي جمال صعب شهيدٌ جديدٌ للخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار 
قوّات الاحتلال تقتحم المستشفى التركي في طوباس
10 شهداء في العدوان الإسرائيلي على لبنان أمس الاثنين
معارك في دير الزور لطرد الميليشيات الإيرانيّة
81 شهيداً 304 مصابين منذ بداية عدوان الأسد وروسيا على إدلب وحلب