قضية الأسبوع دولة حزب الله
ميغافون ㅤ

مراجعة نواف الموسوي الأمنية

بانتظار مراجعة سياسية

8 آذار 2025

أول مراجعة رسمية

قدّم النائب السابق نواف الموسوي، والمسؤول الحالي لـ«ملف الموارد والحدود في حزب الله»، أول مراجعة رسمية للإخفاقات الأمنية التي أدّت إلى خسارة الحزب عسكريًا. 

في مقابلة متلفزة على قناة «الميادين»، قال الموسوي إنّ خروقات أو تقصيراً بشرياً أدّت إلى مجزرتَي البايجرز وأجهزة اللاسلكي. وأشار إلى «تغافل» في الكشف على الأجهزة قبل استخدامها. أمّا عن اغتيال الأمين العام السابق، هاشم صفي الدين، فقال إنّ الأخير أخطأ عندما بقيَ في نفس الأمكنة التي كان يستخدمها الأمين العام الأسبق حسن نصر الله. 

لم يقدّم الموسوي معلومات جديدة، أو رواية مختلفة عن التقييم العام عن الحرب. فيمكن سماع هذا الكلام في أي مجلس، أو حديث عابر، أو قراءته في أي مقال أو في التحليلات الكثيرة على منصّات التواصل الاجتماعي. الجديد هو أنّه يصدر اليوم عن مسؤول في حزب الله. وقد بدأت محاولات أوساط الحزب للتخفيف من وطأة كلام الموسوي. فأطلّ عضو المجلس السياسي غالب أبو زينب في مقابلة أخرى للقول إنّ ما عبّر عنه الأول تقدير شخصي، وجهة نظر شخصية، كما أكد أنّ الشباب [في أمن حزب الله] كانوا عاملين يلّي عليهم.

مراجعة الموسوي الأمنية ضرورية للخروج من خطاب النصر الذي بات عنوان انفصام حزب الله عن واقعه. ضروري ولكنّه غير كافٍ. فحزب الله ما زال يحاول التهرّب من مراجعة سياسية، تبدأ من الميدان في الجنوب لتعود إلى سياسته تجاه النظام السياسي اللبناني وعلاقاته مع باقي المجتمع، وصولًا إلى دوره في سوريا. لا شكّ أن مراجعةً كهذه قد تكون صعبة، لكنّها المدخل الوحيد لطيّ صفحات الماضي الأليمة.


مراجعة أمنية مقابل خطاب النصر

رغم أنّ الموسوي حصر مراجعته بالموضوع الأمني، فقد كان لها أبعاد سياسية أوسع. البُعد السياسي الأوّل هو في علنيّة هذه المراجعة، والتي باتت تلاقي رأيًا شعبيًا مقتنعًا بأنّ هناك أخطاءً وخروقات. وهذا ما كان قد أقرّ به نصر الله، في خطابه الأخير قبل اغتياله، معلناً عن تشكيل لجان تحقيق داخلية. وللدلالة على الحذر من فشل أو سقوط آخر، قال عبارته الشهيرة بأنّ الردّ على التفجيرات سنحتفظ به لأنفسنا وفي ‏أضيق دائرة حتى في أنفسنا. علنيّة هذه المراجعة تفتح على البعد الثاني السياسي، وهو أنّ هذا الاعتراف يشكّل نقدًا ضمنيًا لخطاب النصر الذي حاول الأمين العام الحالي لحزب الله فرضه في خطاباته المتتالية. فيأتي هذا الاعتراف ليشكّل بدايةً لرواية أخرى عمّا حدث، تخرج عن أدبيات حرب 2006، لتبني علاقة أقل انفصامًا عن الواقع. 


الحزب بعد الحرب

بدأت المراجعة، ربّما، عند حزب الله، وإن كانت غير معترف بها. فمنذ نهاية العدوان، غيّر حزب الله تعاطيه مع النظام اللبناني. فاضطرّ حزب الله إلى الخضوع لإرادات وخيارات سياسية تتعارض مع خططه أو مشروعه، وخرج عن سياسة العرقلة المعتادة. عارض شكليًا وصول قائد الجيش إلى سدّة الرئاسة، واستعرض ما تبقى من قوّته بين جلستَي الانتخاب. لكنّه عاد إلى القاعة وصوّت لجوزاف عون. وفي الملف الحكومي، عارض الحزب وصول نوّاف سلام وتمنّع عن حضور الاستشارات النيابية، ثم انضمّ مع حليفه إلى المركب من دون ان يمثَّل حزبياً في الحكومة أو يشارك في إعداد البيان الوزاري. ثمّ منح الحكومة الثقة في البرلمان، مؤكداً على التعاون معها. وخلال هذه الفترة، سلّم الحزب الدولة، عهداً وحكومةً، مسؤولية استعادة الأرض المحتلّة والدفاع عن لبنان، وأناط بها مسؤولية إعادة إعمار ما هدّمه العدوان. من المبكر حسم ما إذا كانت هذه الخطوات تشكّل انعطافة في سياسة الحزب أو مجرّد تراجع مرحلي. لكنّها تشير إلى ابتعاد عن قدسية المواقف السابقة، والتصعيد الدائم الذي شكّل سياسة الحزب المعتادة. 


مراجعات سياسية

لكن بعد المراجعة الأمنية وبدء الابتعاد عن خطاب النصر، هناك مراجعات سياسية باتت ضرورية لفهم كيفية وصول حزب الله إلى الحرب، معزولًا، في بلد منهار، لا يحتمل دمارًا اضافيًا. ومن بين الأمور التي تشكّل بنودًا في هذه المراجعة:

    1. إفراغ الدولة والمؤسسات الرسمية والدستورية من أي فعالية، إمّا باستعمال سلاح العرقلة أو من خلال الغلبة الأمنية، ما أوصل البلاد إلى حالة حرب من دون أي مؤسسة رسمية فعالة.
    2. انقطاع العلاقة مع باقي المكوّنات السياسية، والمساهمة في توتر العلاقات الطائفية، ما أوصل حزب الله إلى هذه الحرب معزولًا.
    3. استعمال السلاح في الداخل لفرض سطوته وتورّطه في عمليات اغتيال، ما جعل حزب الله لفئات كبيرة من المجتمع اللبناني أقرب إلى عدو من خصم سياسي.
    4. المشاركة في قمع الثورة السورية إلى جانب نظام الأسد، ما حوّله إلى جزء من المنظومة القمعية العربية. 
    5. رفضه أي إصلاح داخلي في لبنان من أجل حماية «نظامه»، وقمع أي تغيير داخلي في الطائفة الشيعية حفاظًا على حصرية تمثيله السياسي. 

هذه بعض الأمور التي تشكّل جوانب من المراجعات السياسية التي يمكن لحزب الله القيام بها. فأسباب الهزيمة العسكرية ليست فقط تقنية أو أمنية. هي سياسية، ويمكن تلخيصها بدور حزب الله في فرض سطوته على البلاد، ممّا أوصلها إلى حافة الحرب الداخلية والانهيار والنظر إليها كمجرّد ساحات لمشروع إقليمي. من دون هذه المراجعة، لن تُطوى هذه الصفحة من تاريخ البلاد. 


حاجزان في وجه المراجعة

يواجه القيام بهذه المراجعة صعوبات خارجية وداخلية. أولًا، ما زال حزب الله هدفًا للاستهدافات الإسرائيلية، ما يجعل القيام بأي مراجعة لدوره العسكري أو الإقرار بأخطائه غير وارد. فما زال هناك حرب قائمة، وإن كانت أكثرية البلاد تعتبر ذاتها خارج دائرتها. ثانيًا، هناك اصطفاف داخلي جامد، يجعل من قيام أي طرف بالمراجعة استحالةً سياسية. فالمراجعة ليست داخلية وحسب، بل جدلية، تتطلب أيضًا شركاء موافقين على طيّ صفحة الماضي. 

قد يكون في هذا الكلام ضربٌ من السذاجة. لكن خارج المراجعة القاسية لسياسات الماضي، لن نؤسّس إلا لأزمات المستقبل.  

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
4 قادة لفلول الأسد في الساحل السوري
يوم رمضاني مع الدفاع المدني في غزّة
09-03-2025
تقرير
يوم رمضاني مع الدفاع المدني في غزّة
قيل هذا الأسبوع 2 - 8 آذار 2025
محتجّ يرفع علم فلسطين ويتسلّق «بيغ بن» 
علاء عبد الفتاح في إضراب عن الطعام منذ 8 أيام
تأثير الفوسفور والمعادن الثقيلة على محاصيل الجنوب
08-03-2025
حديث
تأثير الفوسفور والمعادن الثقيلة على محاصيل الجنوب