نظرة الحرب على لبنان
غسّان سلهب

هي يوتوبيا، بلا شك

21 تشرين الأول 2024

لم يحن الوقت بعد… أو ربّما فات الأوان
—فرانز فانون

أولاً علينا، وقبل كل شيء، أن نقاوم العدو، وأن نقاوم إفلاته الدائم من العقاب، وأن نقاوم خداع شركائه في الجريمة الذين يرسلون لنا المبعوث تلو الآخر. علينا أن نتحوّل جميعنا إلى مقاومين، وأن نساهم بطريقة أو بأخرى، كل بحسب قدرته، أيًا كان اتجاهنا الفكريّ، أو رأينا، أو مشروعنا السياسي – إذا كان هناك من مشروع. علينا أن نقاوم كما نحن، بفرادة كل واحد منا، أن نقف في مواجهة العدوّ بهذا التعدّد، وهذه الاختلافات، لا أن نكون جبهة موحّدة من جنود يتحركون بأوامر هذا القائد أو ذاك، قائد يستمر في الادعاء بأنه يمثلنا. علينا أن نكون مقاومين، بكل شكل من أشكال المقاومة، بوعي كامل، مقاومة شعبية شاملة تحضننا جميعًا. على كل كيان، وكل مجموعة سياسية (بما في ذلك المقاتلون)، والأقوى بينهم أولاً – هل أحتاج إلى تسميته؟ – أن يتقبّلوا هذا الحشد المتعدّد، بل أن يرحّبوا به وأن يحتضنوه احتضانًا تامًا، أيًا كانت قدرات كل واحد أو واحدة منّا. وفي مواجهة العدوّ، والترهيب المستبدّ الذي يمارسه منذ عقود وعقود، في فلسطين ولبنان، علينا ألّا نتنازل قيد أنملة، وألّا نفاقم من انقساماتنا الحقيقية والواضحة، ونوسّع جراحاتنا المفتوحة. وبدل أن نسعى عبثًا إلى سدّ الثغرات، علينا جميعًا أن نتعالى على أنفسنا وعلى كل شيء، في هذه المحنة الرهيبة التي لا ترحم، أن نتسامى فوق تطلّعاتنا الخاصة والمختلفة – لم يعد بإمكاننا أن نتجاهل أو نتظاهر بتجاهل قيود «هويّاتنا»، فضلاً عن قيود الخضوع والتلقين، وما تمثّله من عبءٍ يُستغَلُّ باستمرار، منذ نعومة أظفارنا. يجب ألا نؤجّل خلافاتنا إلى وقت لاحق، إلى ما «بعد»، مهما كانت عميقة، بل أن نجعلها تختلط بعضها ببعض، أن تتمازج، أن نختلط نحن بعضنا ببعض، أن نتمازج، في مواجهة هذا العهر المفرط، هذا المولوخ إله الشر المتعطّش للدماء. دعوا العدوى تسري بين بعضنا بعضاً. الجسد والعقل والروح. ولو اقتضى ذلك أن نلقي خلفنا كل ما نعتقد أننا عليه، أو ما نطمح أن نكونه، ولو أدّى ذلك إلى تشويش مزمن لأي منظور، وتشويش خط الأفق المتلاشي باستمرار، أو، من يدري، أن نعيد تخيّل هذا الخط ربّما، مهما كان بعيد المنال. وليكن كل شخص، كل مجموعة، «درعًا بشريًا» للآخر. وليس المقصود هنا التضحية ولا اجترار البطولات، بل الدعوة إلى تضامن كلّي، لا أكثر ولا أقل، تضامن لا يشوبه خَلَل أو تَصَدُّع، نلتزمه بكل نقاء وصفاء، وبكل وعي. فلنحمِ بعضنا بعضًا. وأكرّر: على كل كيان، وكل مجموعة سياسية، بما في ذلك المقاتلون، وبالأخص أولئك الموجودين في ساحات القتال، لا أن يقبلوا هذا الحشد المتنوّع الكبير وحسب، بل أن يرحّبوا به أيضًا. إنه قوس مرسوم بأوتار وسهام متعدّدة متنوّعة، إنه جمع يشمل كل أولئك الذين يستمرّون في العيش والنجاة هنا، نساءً ورجالاً، ومواطنين أجانب، ومهمّشين، ولاجئين. أجل، هي يوتوبيا، وهي تقاطع مستحيل. وإذا كانت الخسارة واقعة، فلنهذِ إذن.

ترجم من الفرنسية

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
الاحتلال يجرف بساتين الليمون في الناقورة
سينما متروبوليس تعود
الجيش اللبناني تسلّم 3 مواقع عسكرية لمنظّمات فلسطينيّة دعمها الأسد
«ريشة وطن»، جداريات سوريا الجديدة 
21-12-2024
تقرير
«ريشة وطن»، جداريات سوريا الجديدة 
قتلى في حادث دهس لسوق ميلادي في ألمانيا
هكذا حرّر السوريّون أنفسهم من نظام الأسد
21-12-2024
تقرير
هكذا حرّر السوريّون أنفسهم من نظام الأسد