تعليق تحرّش
دارين أبو سعد

نادي المتحرّشين يرحّب بأجدد أعضائه

28 أيار 2021

في هذا المقال، سأسمّي المعتدي. فالتسمية جزء لا يتجزّأ من المقاومة، لأنّ في التستّر تواطؤاً أرفض أن أكون جزءاً منه. وفي غياب آليات للمحاسبة، تصبح التسمية الطريقة الوحيدة لردع هذه الممارسات. وفي العلن، هي خروج من «خاص» بات ملعباً للمتحرّشين. لذا، وفي سبيل الكشف غير الاعتذاريّ عن العنف الأبويّ المتمثّل في التحرّش، نسمّي.


  • محاولات اعتداء جنسي
  • استدراج نساء بحجّة العمل
  • اتّصالات هاتفية تصل حدّ المضايقة
  • إلحاح وإصرار وعدم قبول الرفض
  • ابتزاز وتشهير

ثم يأتي ليقول: بس خبرونا: شو يعني تحرّش؟

طبعاً، ليس السؤال طمعاً بالمعرفة، إنّما تسطيح لفعل الاعتداء نفسه، بنيّة تبرئة نفسه من مسؤوليّة النقد الذاتي ومراجعة أفعاله، والتفكّر ولو للحظة بامتيازاته.


هو جعفر العطار، أو المتحرّش المتسلسل كما وصفته إحدى الناجيات. انضمّ هذا الأسبوع إلى نادي المتحرّشين.

وهنا، تأتي كتابة هذا المقال بغية التوثيق والأرشفة. هكذا نستذكر أسماءهم، واحداً تلو الآخر، لتبقى أفعالهم شاخصةً أمام الجميع، ولتبقى الكلمة محفورة على جبينهم: متحرّش. والأهمّ، لتكريس تقليدٍ في التكلّم علانيّةً بهذه المواضيع، وكسر حاجز الصمت الذي اعتدنا التوقّف عنده.

ما حصل الأسبوع الفائت هو أنّ أكثر من عشر نساء قرّرنَ تخطّي هذا الحاجز، بعدما تجرّأت أولاهنّ - ترايسي يونس - وكشفت عن الموضوع عبر حسابها على فيسبوك.

اللافت أنّ جعفر، أو جعفورة كما أسمته ناجية أخرى، لم يستحِ، بل قرّر أن «يواجه». قرّر أن يؤكّد على فكرة تملّكه امتيازات، وتوظيفها لا في سياق التحرش فحسب، بل أيضاً في سياق معايرة الناجيات بجنسانيتهنّ مثلاً، أو بحياتهنّ الخاصة، بفانتازماتهنّ. طبعاً، ليس هنا الجديد، ما دمنا نعيش في ظلّ نظام ابوي يبرّئ المعتدي ويلوم الضحية/الناجية، إنّما الجديد هو استفحال المتحرّش وإصراره على أنّه هو الضحية.

قبل أن يختار جعفر التصعيد، استعمل الصحافي المشهور، كما وصفته ناجية أخرى، الكليشيهات ذاتها التي يستعملها المتحرّش النموذجي لتبرير أفعاله:

سوري، بالغلط، كنت مدخّن، كنت سكران…

طبعاً لم يُفضَح متحرّش يوماً رغبةً من الجمهور بسماع تبريراته. لكنّ المشكلة تتّسع لحظةَ ظهور مدافعين عنه، يتنطّحون للَوم الضحية، متمسّكين بكليشيه آخر:

إذا مزعوجة كان فيها تعمل بلوك

يسطّح هذا المنطق فكرة تقبّل الرفض والقبول. كما يعفي المتحرّش من واجبه بتقبّل الرفض، أو القبول. ذلك أنّ الرفض في ظلّ علاقات الهيمنة القائمة حالياً، ليس رفضاً بسيطاً، بل هو أقرب إلى الإخصاء المعنوي


تتسلسل المشاكل والعلل في قضية العطّار إلى ما لا نهاية.

ربّما هي لحدّ الآن أكثر الحالات الجديرة بالتمعّن، نظراً للفعل «البطولي» الذي أخذ العطار على عاتقه القيام به. وعلى ذكر القضية، أصبحت قضيّته بالفعل «قضية»، وُضعت أمام القضاء من قبل عدد من الناجيات من تحرّشه، بعد أشهرٍ قليلة من إقرار قانون «تجريم التحرش وتأهيل ضحاياه».

لكن كما تعوّدنا في لبنان، ليس التعويل على قضاءٍ فشل غيرَ مرّة في الدفاع عن الضحايا وحماية الناجيات، وأظهر غيرَ مرة انحيازه للأقوى. إنّما يبقى التعويل على شبكات التضامن التي تتمكّن الناجيات من تكريسها، بشجاعةٍ وإصرار، فيما تحاصَر مواقفهنّ بالتكذيب والتعيير والتشكيك.

لقد بدأنا نتلمّس تدريجياً قدراً من التضامن الكافي لخرق منطق الامتيازات وعلاقات السيطرة الذكورية. نصدّق الناجيات إذاً، اليوم وكلّ يوم، أملاً منّا بمجتمعات أكثر عدلاً، تنصفنا في حربنا ومقاومتنا.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
12 غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت
5 تُهم ضدّ نتنياهو وغالانت 
الاتحاد الأوروبي: قرار المحكمة الجنائية مُلزِم لكلّ دول الاتحاد
مقتل باحث إسرائيلي كان يبحث عن «أرض إسرائيل» في جنوب لبنان