تعليق دولة حزب الله
سامر فرنجية

الاقتصاد حسب نصر الله

27 أيار 2020

لم يكن حسن نصر الله يتوقّع هذه الآخرة. فبعد زمن الانتصارات والخطابات الملحمية، اضطرّ الأمين العام للتحدّث بالموضوع المالي والاقتصادي، لتصبح إطلالاته الإعلامية أقرب إلى تحاليل محاسب مبتدئ، فقدَ السيطرة على حساباته. فباتت خطاباته أقرب إلى عملية ابتزاز دائمة، تحاول الاستفادة بعض الشيء من الانهيار المالي، ريثما يأتي من ينقذ البلاد.

بدأت رحلة نصر الله مع الاقتصاد منذ بداية الثورة. لبنان ليس بلداً مُفلساً، طمأن نصر الله جمهوره، وما المشكلة إلا في بعض الضرائب التي فُرِضت بطريقة عشوائية (19/10/2019).

بيد أنّ الإنكار لم يدُم مع احتدام الحراك الشعبي وبات من الضروري البحث عن مسؤول عن الأزمة. فجاء الدور الأميركي ليحجب النقد عن الأسباب الداخلية (01/11/2019)، قبل أن يقدّم نصر الله حلوله الشهيرة للأزمة: الشركات الصينية، والشركات الإيرانية، والإعمار في سوريا، وسوق الخضار في العراق (11/11/2019).

أمّا في الداخل، فباتت الأزمة مادّة لابتزاز الثورة التي حمّلها نصر الله سبب الانهيار بعد استقالة سعد الحريري: لو بقيت الحكومة وبقي الناس في الشارع يضغطون على الحكومة بشكل سلمي وحقيقي وبدون شتائم وبدون ممارسات غير مناسبة ولائقة لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن (13/12/2019).

ربّما اعتقد نصر الله أنّ بإمكانه تجيير الأزمة وفق خياراته السياسية. ولكنّ الانهيار تعدّى حدود السيّد وبات يتطلّب تحاليل أكثر تعقيدًا. ومع بدء انتشار الكورونا، أدخل نصر الله مفهوم التكافل الاجتماعي كحلّ سحريّ للأزمة المعيشية، أي تعميم الأعمال الخيرية على صعيد البلاد: هناك أناس ميسورون أكثر من الآخرين، صرّح نصر الله، ويجب أن نحمل بعضنا البعض (14/03/2020).

من أولئك الناس، المصارف التي جنت أرباحاً ضخمة، والتي عليها التعاطي الآن ببعض الإنسانية. ولكن هذا صعب: كيف يمكن أن نستثير إنسانية أصحاب المصارف؟ كيف؟ ما هي اللغة؟ كيف يجب أن نخاطبهم؟ (29/03/2020). الداخل بات مسألة أخلاق، أما الخارج، ففقد أيضاً شيئاً من حدّيته. لم يعد هناك مؤامرة، بل مجرّد تفاوض على الشروط مع صندوق النقد الدولي (04/05/2020).

سقط الخارج كمادّة للابتزاز، واضطرّ نصر الله للتراجع عن هجومه على المصارف. فلم يبقَ إلّا السوق كمادة للابتزاز. وبدأ التكافل الاجتماعي يتحوّل إلى أداة لإدارة الاقتصاد من خلال الأخلاق. فلم يجد نصر الله، المنهك من جرّاء هذه الأزمة العنيدة، إلّا مخاطبة الأسعار ومطالبتها بالانخفاض. فتحوّلت الأزمة إلى جشع بعض التجار وبعض الباعة الذين يحتكرون أو يرفعون الأسعار (29/03/2020)، أو تلاعب بعض الصيارفة الذين يتلاعبون بسعر الصرف على حساب شعبهم ومجتمعهم (04/05/2020).

في وجه أزمة كهذه، لا داعي لسياسة اقتصادية، بل تكفي العودة إلى الشرف والأخلاق والإحساس بالإنسانية الممزوج ببعض التوبيخ.

بطبيعة الحال، لم تستجِب الأسعار لخطابات نصر الله، كما أنّ صندوق النقد لم يأبه بشروطه. فعاد نصر الله لابتزازه الأوّلي، هذا الابتزاز الذي لم يخذله على مدار السنوات الأخيرة. الحلّ للأزمة الاقتصادية يمرّ عبر ترتيب الوضع مع سوريا (13/05/2020).

لم يعد هناك أي شيء يمكن فعله في ظلّ هذه الأزمة إلّا العودة لحضن النظام السوري. وفي كلّ الأحوال، فإنّ الأزمة لن تدوم. السنة المقبلة، سنكون جميعًا بالقدس (22/05/2020) وننتهي من مهزلة الاقتصاد وأزماته.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
جيش الاحتلال يحاصر مستشفى كمال عدوان ويهدّد بإخلائه
الاحتلال يجرف بساتين الليمون في الناقورة
سينما متروبوليس تعود
الجيش اللبناني تسلّم 3 مواقع عسكرية لمنظّمات فلسطينيّة دعمها الأسد
«ريشة وطن»، جداريات سوريا الجديدة 
21-12-2024
تقرير
«ريشة وطن»، جداريات سوريا الجديدة 
قتلى في حادث دهس لسوق ميلادي في ألمانيا