ثماني شركات تحتكر 64 % من سوق الدواء في لبنان، ما يسمح لها بالتحكّم بالأسعار ونوعية الأدوية المتاحة، والضغط على القطاع الصحّي بأكمله. فرضت تلك البنية الاحتكارية نموذجًا اقتصاديًا، يقوم على الاستيراد وضرب الصناعة المحلية، وهو النموذج الذي أوصلنا إلى الأزمة الحالية.
تعمل تلك الشركات في السوق منذ عشرات السنوات، حيث تأسس معظمها قبل بدء الحرب الأهليّة اللبنانيّة، بينما يعود تاريخ تأسيس بعضها الآخر إلى أواخر القرن الـ19. هيمنة الشركات، صاحبة الوكالات الحصريّة، والمملوكة من عدد قليل من العائلات التي توارثت الشركات ووكالاتها الحصريّة، استمرّت بفعل قدرة هذا اللوبي على التأثير في قرارات الدولة اللبنانيّة، والسياسات العامّة التي ترعى هذا القطاع.
يشكّل «كارتيل الدواء» نموذجًا مصغرًا عن بنية الاقتصاد اللبناني. لكنّ ميزته القاتلة أنّه يتاجر بصحة الناس، فيقطع الدواء من أجل الدفاع عن مصالحه. من هنا، فإنّ تفكيك الكارتيل، كما يحاجج ملف «التجارة بصحة الناس: كارتيل الدواء والهيمنة على القطاع الصحّي»، هو أوليّة إنسانية، قبل أن تكون اقتصادية.