تواصل السلطات المصرية خلال هذه الأيام هدم جبانة باب النصر التاريخية في القاهرة، بهدف إنشاء موقف للسيارات متعدّد الطوابق «لخدمة زوّار المنطقة». وقد أقرّ نائب محافظ القاهرة بإخلاء السلطات «1,171 مقبرةً و49 مدفناً من مقابر المنطقة يسار باب النصر، في شارع البنهاوي».
ويُقارب عمر الجبانة ألف عام، وفيها نموذجٌ فريدٌ للمدافن حيث تُحيط مقصورات خشبية بالأضرحة. كما تتّفق معظم المراجع على أنّ ابن خلدون دُفن فيها، قبل أن يُهمَل ضريحه أو تُنقَل رفاته إلى مكان آخر ما زال مجهولاً. وذلك بالإضافة إلى عدد كبير من المحافظين والشعراء والحكماء الذين مرّوا على مصر وتوفّوا فيها فترة 700 - 800 هجري (قُرابة 1300 ميلادي). كما كانت، في الوقت نفسه، أوّل مقبرة أهلية لفقراء القاهرة.
ليست المرّة الأولى التي يعتدي فيها نظام السيسي على التراث المصري، إذ سبق أن شوّه قاعدة الأهرامات بذريعة ترميمها، وأزال عوّامات النيل التاريخية. كما سبق أن اعتدى تحديداً على المقابر، ومنها جبانات الإمام الشافعي والسيّدة نفيسة، واعتزم هدم ضريح الأديب طه حسين قبل أن تتدخّل عائلته – وينتهي الأمر بتشويه محيط الضريح فقط.