توفّيَ، أمس الجمعة أحد «أكبر عباقرة العمارة»، الإسباني ريكاردو بوفيل (81 عاماً) في مدينته برشلونة، بسبب مضاعفاتٍ ناتجة عن إصابته بالكورونا.
وُلدَ بوفيل في برشلونة عام 1939، تحت ديكتاتوريّة فرانكو. عام 1957، طُردَ من جامعته بسبب ميوله اليسارية. ثم عاد إلى برشلونة بعد 6 أعوام ليؤسّس مشروعاً معماريّاً يتخطّى المعماريّين، فأطلق شركته مع مجموعةٍ يسارية ضمّت سوسيولوجيّين وفلاسفة وعلماء رياضيّات ورسّامين وكُتّاباً.
وصل الخيال ببوفيل إلى حدّ تفكيكه بُنية الشعر، ونقلها إلى العناصر المعمارية. كما درس موسيقى باخ وبحث عن النمط الرياضيَّاتي فيها واستوحى منه. وصادق الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو، لدرجة أنّ كُثراً يرون أنّ «أبراكاس» بوفيل هي الشكل الملموس لفلسفة فوكو.
زاوج بوفيل في أعماله كل التناقضات: خلق مساحاتٍ ناعمة بواسطة العمارة الخام القاسية. مزج عصر النهضة بالعمارة المينيماليّة. فتح الواقع على المخيّلة، وصمّم مساحاتٍ تكتسب قيمتها من خلال مُخيّلة المُستخدم. وجعل مشاريعه لوحةً متحرّكةً للظلّال والنور.
حَدّث بوفيل عمارة الشعوب القديمة بقوالب مُعاصرة، وكانت له مساهمات في التنظيم المُدُني. بموقفٍ نقديّ، أدرك باكراً دور المدينة في تشكيل وعي روّادها، ودور الطبقة الحاكمة بتصميم خلفيّات المدينة: «المدن يصنعها عدّة مهندسين، لكن الأفكار الحَضرية تصنعها قلّة قليلة».
برحيل بوفيل، تنتهي حقبة معمارية أعطت الكثير، لا سيّما لطلّاب العمارة الخارجين عن السائد وعن إيديولوجيا عمارة العولمة، وتبقى تصاميمه لتؤرّخ ثقافةً تمتدّ من النَّهضة إلى الپوپ.