تعليق انتخابات 2022
مهدي كريّم

معركة باسيل الانتخابيّة... تكرار المُكرَّر

23 آذار 2022

التعويل على حزب الله

في انتخابات عام 2018، نسج التيار الوطني الحر تحالفات لم تكن تخطر على البال، من الجماعة الإسلامية في صيدا الى ميشال معوّض في زغرتا وما بينهما من تناقضات واختلافات. فقد أراد جبران باسيل من تلك الانتخابات كسب الشرعية الشعبية كوريث لميشال عون، ليس في رئاسة التيار فحسب، بل أيضاً في القدرة على الوصول إلى المجلس النيابي بكتلة عددية كبيرة، رغم كل الانشقاقات التي أصابت التيار في تلك المرحلة، فضلاً عن الخلافات العائلية حول التوريث.

لم تختلف مقاربة باسيل تجاه الانتخابات المقبلة. فهو يُريد خوض المعركة الرئاسية من خلال الحفاظ على كتلة وازنة من النواب. ويعوّل على تعويض رفض معظم الأحزاب والشخصيات المستقلة التحالف معه بالتحالف الكامل مع حزب الله في دوائر يمكن أن يؤدّي فيها الصوت الشيعي إلى زيادة عدد نوّابه. فيوازن بين تراجعه الشعبي في دوائر ذات أغلبية مسيحية مثل كسروان بتقدّمه في دوائر ذات ثقل انتخابي لحزب الله مثل دائرة بعلبك- الهرمل.


مع حزب الله، تأتي حركة أمل

أدخل التيار في قاموس السياسة اللبنانية ثنائية التحالف الانتخابي والتحالف المبدئي، مفسراً التحالف الإنتخابي بأنه شراكة باللوائح الانتخابية وليست شراكة بالبرامج، مُعرّفاً هذه الشراكة بعملية دمج أصوات. عاد باسيل خلال إعلان مرشّحي التيار إلى هذه الثنائية لكي يبرّر الإعلان عن تحالفه مع حركة أمل، بعدما خاصمها في الأشهر الماضية. 

لكنّ هذا التحالف مع الخصم لم يعد مستغربًا مع التيار، كما لم يكن مستغرباً اتهام بري-  دون تسميته- بمنع التدقيق الجنائي والكابيتال كونترول وقانون استعادة الأموال المنهوبة. فلباسيل قدرة غريبة على قول الشيء ونقيضه في خطاب واحد. 


ما خلّونا

لم تتغيّر عِدّة المعركة الانتخابية لباسيل، وباتت ترداداً للمعزوفة نفسها، من حقوق المسيحيين إلى الوعود الإصلاحية وصولًا للشعار الخالد «ما خلّونا». باسيل يُدرك أن هذا الخطاب لم يعد جذّابًا، خاصة بعد كل التحولات التي أعقبت 17 تشرين والانهيار المالي والاقتصادي. 

إلّا أنّ تمسّك باسيل بهذا الخطاب العفِن مردّه إلى عدم القدرة على إنتاج خطاب جديد، يُحاكي هواجس اللبنانيين. فالتيار الذي دخل جنّة الحكم منذ عام 2008، وتعاظم نفوذه داخل المؤسسات الإدارية والأمنية والعسكرية والمالية تباعاً، لم يعد من مصلحته تقديم أي خطة للخروج من النظام الزبائني القائم. 

ذلك أنّ أيّ خروج يعني خسارته لأحد أهمّ أركان قوته.


غياب الرؤية الاقتصاديّة

تبنّى باسيل خطاب حزب الله لناحية تحميل مسؤولية كل ما حصل ويحصل وسيحصل للقوى الخارجية. فيؤكّد أنّ ما لم يقدروا أن يأخذوه في الحرب، لن نسمح لهم بأن يأخذوه بالتفقير. هكذا بات باسيل يرى أن لبنان محاصر رغم عدم وجود أي أساطيل بحرية في مياهه الإقليمية ولا حظر طيران في سمائه ولا إقفال لحدوده البحرية ولا وقف لتعاملاته المالية والتجارية مع الخارج (ربّما وجد باسيل في عدم «تشحيد» السلطة السياسية نوعاً من الحصار).

جاذبية نظرية حزب الله عن الحصار تعود إلى أنّ مشروع باسيل الاقتصادي لم يختلف عن النموذج الاقتصادي في لبنان ما بعد الحرب، لناحية الاستدانة وقبول الهبات دون أي رؤية أو خطة لمختلف القطاعات. ففي الفشل الحالي إدانة أيضًا لرؤية التيّار، ما يجعل نظرية المؤامرة مخرجًا مريحًا لمن لم يعد عنده ما يقدّمه. 


خسارة الموقع السياسيّ

يخوض باسيل هذه الانتخابات، متسلّحاً بقرار مركزيّ لحزب الله بعدم المسّ بحلفائه، ولا سيّما المسيحيين منهم. إلّا أن هذا القرار، وإن كان سيُترجَم في صناديق الاقتراع، لن ينجح في ملء تراجع القوة الذاتية للتيار. كما أنّه سيعجز عن تقديم التيار كقوة سياسية مستقلة تفاوض وتتّفق أو تختلف مع حزب الله من موقع الندّية. وهذا ما بدأ يظهر قبل أشهر، حين لم يترك باسيل مناسبةً إلا وطالب خلالها بتعديل اتفاق مار مخايل، في حين أن إرادة حزب الله بعدم المسّ بحرف واحد من هذا الاتفاق كانت أقوى. 

من هذا المنطلق، فإنّ باسيل خاسر في هذه الانتخابات، وإن تمكّن من الحفاظ على عدد كبير من المقاعد النيابية.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
حدث اليوم - السبت 23/11/2024
23-11-2024
أخبار
حدث اليوم - السبت 23/11/2024
استشهاد مُسعفَيْن في صور
8 شهداء في مجزرة شمسطار
الحرب و ارتفاع الأسعار 
23-11-2024
تقرير
الحرب و ارتفاع الأسعار 
حزب الله ينفي وجود أيٍّ من قياديّيه 
لكلّ يومٍ هرُّه