قضية الأسبوع طوفان الأقصى
ميغافون ㅤ

الساحة اللبنانية أمام خيارات مستحيلة

6 كانون الثاني 2024

اغتيال في وسط العاصمة

اغتالت إسرائيل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» صالح العاروري، وإلى جانبه عدد من قياديي وكوادر الحركة، من خلال استهداف صاروخي في الضاحية الجنوبية للعاصمة.

يشكّل الاغتيال أول عملية اغتيال في الضاحية منذ اغتيال حسّان اللقيس، رئيس القسم اللوجستي في حزب الله في 3 كانون الأول 2013، كما يشكّل الهدف أرفع اغتيال لمسؤول في حماس منذ اغتيال أحمد الجعبري، نائب قائد كتائب القسّام، في 14 تشرين الثاني 2012. كما تشكّل العملية أول عملية اغتيال ضدّ حماس خارج فلسطين منذ اغتيال عزّ الدين الشيخ خليل في دمشق، أحد مؤسسي الحركة وكتائب القسّام، في 26 أيلول 2004.

يأتي الاستهداف كامتداد لساحة الحرب اللبنانية، والتي تعدّت الحدود الجنوبية لتصل إلى العاصمة، بأول ضربة عسكرية، تتبناها إسرائيل منذ حرب تموز 2006. كما يأتي هذا الاغتيال كامتداد لسياسة الاغتيالات التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية في غزة وسوريا، والتي باتت تشمل لبنان ضمن ساحاتها «المشروعة».

ورغم أنّ الامتدادين يشكلّان كسراً لقواعد الاشتباك بين حزب الله وإسرائيل، سارع مساعدو نتنياهو إلى ضبط حدود العملية، مؤكدين أن «العملية لا تستهدف لا حكومة لبنان ولا حزب الله»، وهي حصرًا «جزء من الحرب القائمة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية».


كسر وحدة الساحات

يأتي التصريح الملتوي لمساعدي رئيس الحكومة الإسرائيلية ليحاول كسر نظرية «وحدة الساحات»، في لحظة توسيع الحرب إلى وسط العاصمة اللبنانية. فكأنّ الحكومة الإسرائيلية قررت تحويل لبنان بأجمعه إلى ساحة اغتيالات مشروعة لقادة المقاومة الفلسطينية وفصل هذا المسار عن الحرب الدائرة مع حزب الله في الجنوب. «الحرب القائمة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية» هي غير الحرب مع حزب الله.

في هذا القرار تحدٍّ واضح لحزب الله، وخاصة بعد التهديد الواضح لأمينه العام بأنّ «أي اغتيال على الأرض اللبنانية يطاول لبنانياً أو فلسطينياً أو سورياً أو إيرانياً أو غيرهم، سيكون له رد الفعل القوي». فجاء خطاب نصرالله بعد الاغتيال، والذي كان بمناسبة اغتيال آخر بقي بدون رد فعل يذكر، ليحاول، قدر المستطاع، التمسّك بنظرية «وحدة الساحات»، وإن كانت وحدة مبنية على نظرية «جبهة المساندة». فكرّر نصرالله دور محور المقاومة في دعم صمود غزّة، مؤكدًا دوره المساند لعملية فلسطينية حصرًا. وعاد وأكّد في خطاب البارحة أن الردّ على الاعتداء آت، وإن لم يكن واضحًا معالمه.

لكن رغم التأكيد، باتت حدود هذا الموقف واضحة. فالدور المساند، والمكلف على الحزب، لا يبدو وكأنّه يخفّف من الضغط على غزة. كما أنّه لا يبدو رادعاً لمحاولات الحكومة الإسرائيلية توسيع ساحات الاقتتال، حتى إلى الداخل اللبناني. هذا بالإضافة إلى أنّ «حذر» حزب الله على الجبهة الجنوبية لم يرِحه بالداخل اللبناني. في وسط هذه الصعوبات، لم يجد نصرالله كختام لخطابه إلّا التهديد بـ«حرب شاملة» إذا استمرت حكومة الاحتلال بدفع الأمور نحو التصعيد، وكأنه يعترف بأنّه وصل إلى نهاية خيارات الرد المدروسة التي اتبعها الحزب منذ بداية الحرب. 


الحرب الشاملة حاجة إسرائيلية

لكن «الحرب الشاملة» التي يخشاها ويتفادها نصرالله، وإن هدّد بها، قد تبدو الخيار الأفضل للحكومة الإسرائيلية اليوم. فرغم «تطمين» مساعدي نتنياهو تجاه حدود العملية الأخيرة، يبدو التصعيد الأخير الإسرائيلي وكأنّه غير مبال بالمخاطر التي قد تنتجها عملية كهذه.

فالحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسها نتنياهو، تدرك أن لا مستقبل لها بعد انتهاء العمليات العسكرية، في ظل انقسام داخلي حادّ وعزلة دولية متزايدة. كما أنّه بات واضحًا أن غزّة تتحوّل إلى مأزق طويل الأمد، قد يستهلك أي رصيد سياسي راكمته إسرائيل بعد 7 أكتوبر أو أي دعم داخلي. هذا بالإضافة إلى بدء تفتت الدعم الخارجي، والذي لم يبارك محاولة نتنياهو توسيع الصراع إلى الساحة اللبنانية. في وجه هذه الصعوبات، يبدو خيار التصعيد وكأنّه «الأقل كلفة» للتيار المتشدّد في الحكومة الإسرائيلية. فمن جهة، يسمح التصعيد الإقليمي بإعادة حشد دعم دولي لإسرائيل وتحويل حربها في غزة إلى خطر يتطلب إعادة رسم خطوط الاشتباك الإقليمية. ومن جهة ثانية، تدرك حكومة التطرف اليميني أنّها تواجه فرصتها الأخيرة لتحويل الشروط الميدانية على كافة الساحات، ما يدفعها نحو خيارات خطيرة. 


الساحة اللبنانية

في وجه هذا الانحدار التطرفي والعنفي الإسرائيلي، تبدو الساحة اللبنانية مكشوفة أمام أي احتمال. وإذا كان حزب الله قد وصل إلى ما يشبه نهاية مسار المساندة المدروسة، وبالتالي نظرية «وحدة الساحات»، فيبدو نقّاده في مأزق أكبر. فمقولة الاحتماء بالقرارات الدولية ومجتمعها باتت بعد غزّة أقرب إلى أسطورة رديئة، لم تعد تقنع حتى أرباب هذا المجتمع الدولي. فكأنّ حرب الإبادة دفعت خط الانقسام الداخلي اللبناني إلى حدوده القصوى، وهي إمّا الحرب الشاملة أو الاستسلام الكامل، مع تزايد نغمة التقسيم كحل سحري للتهرّب من حقائق الواقع.

قد لا يبدو أنّ هناك ما يمكن فعله داخليًا للتأثير على مجرى الأمور في هذه اللحظة، غير الاعتراف بأنّ الحدث الفلسطيني يتطلب من كافة اللاعبين إعادة النظر بمفهومهم للصراع، بعيدًا عن اصطفافات الماضي. لكن في لحظة التصعيد هذه، ما يبدو واضحاً هو تمسّك الأطراف اللبنانية بتلك الثنائيات وكأنّها كل ما تبقى في وجه حدث غيّر وجه المنطقة. 

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
دبّابات الاحتلال الإسرائيلي تدخل وادي الحجير
ماكرون يُخرج سمير عسّاف من قبّعته مرشّحًا رئاسيًا
24-12-2024
تقرير
ماكرون يُخرج سمير عسّاف من قبّعته مرشّحًا رئاسيًا
روبوت مفخّخ لأوّل مرّة في مستشفى كمال عدوان
كنيسة برفوريوس في غزّة لا يوجد أي احتفالات للأعياد
اتفاق لحلّ الفصائل المسلّحة ودمجها تحت وزارة الدفاع السورية
جمعيّة المصارف تهدّد الدولة «فوائد اليوروبوند أو نُقاضيكم»