قضية الأسبوع دولة حزب الله
ميغافون ㅤ

معضلة حزب الله وإغراء الحرب

29 حزيران 2024

الحرب في الداخل اللبناني

على وطأة تفاقم وتيرة القتال في الجنوب وركود الحل الدبلوماسي، تصاعدت الحملة الإسرائيلية على لبنان، والتي كان آخر تجلياتها تقرير في صحيفة التلغراف يتّهم حزب الله بتخزين السلاح في مطار بيروت. لا يشكّل هذا التقرير التهديد الأول لمطار بيروت. فمنذ 7 أكتوبر وإسرائيل تهدّد دوريًا لبنان في ما يبدو محاولة للهروب إلى الأمام من قبل قيادة إسرائيلية باتت بحاجة لحروب دائمة للبقاء في الحكم. 

لكنّ المفارقة مع التهديد الأخير هي في استيراده إلى الداخل اللبناني وسجالاته، حيث أعادت التلغراف إحياء نقد حزب الله من قبل أطراف لبنانية اتّخذت من المخاوف من هجوم إسرائيلي محتمل ذريعةً للتصويب على حزب الله. وقد جاء هذا التصويب ليُكمل اتّجاهاً تصاعدياً منذ 8 أكتوبر، تَراوحَ بين دعواتٍ لنبذ الحرب من جهة، والتذاكي على «ضعف» ردة فعل حزب الله من جهة أخرى. 

وفقاً للنرجسية اللبنانية المعتادة، فإنّ حدثاً بحجم الإبادة في غزّة واحتمال حرب إقليمية غير كافيين لتغيير قواعد السياسة الداخلية، ولو للحظة.


إغراء حلّ الحرب

من هذه القواعد البالية، إغراء الحرب كحلّ لمعضلة حزب الله، والذي بات بالنسبة للبعض الحلّ الوحيد المتاح لسيطرة حزب الله على الداخل اللبناني. الغريب أنّ المتحمّسين لاحتمال الحرب هم أنفسهم أشدّ المنتقدين لـ«جبهة الإسناد» التي فتحها حزب الله في الثامن من أكتوبر، باعتبارها «جبهة» جرّت دماراً على القرى الحدوديّة. كأنّ هؤلاء يتذرّعون بالحرص على القرى الحدودية ليبشّروا بحرب تدميريّة على مستوى البلد، على أمل أن تخلّصهم من الحزب الذي يعتبرون أنّ قراراته ساهمت بتدمير تلك القرى. 

إغراء الحرب هذا، ليس جديداً. فقد شهدناه عند عديدين خلال حرب الـ2006، حيث اعتبر البعض أنّ الحرب قد تخلّصهم من جبروت هذا الحزب. لم تحقق الحرب آنذاك هذا الهدف، بل حقّقت عكسه. لكنّ نتيجة الحرب العكسيّة والدمار الذي أحدثته لم يكونا كافيَيْن، على ما يبدو، للقضاء على إغراء الحلّ العسكري. 

وبغضّ النظر عن الانزلاق الخطير الذي ينطوي عليه إغراء كهذا، فهو يبدو اليوم أقرب إلى ضرب آخر من النرجسية اللبنانية. فما مِن حماسة دولية لحرب جديدة، وما من قدرة داخلية للتخلّص من الحزب، وما من مشروع إقليمي للإحاطة بلبنان، في حال اندلاع حرب. بات إغراء الحرب أقرب إلى ضرب من الجنون السياسي عند أطراف صار عداؤها لحزب الله يفوق أي اعتبار آخر، حتى اعتبار المصالح السياسية.


معضلة الحزب

يرى  نقّاد حزب الله، عن حقّ، أنّ هذا الحزب يشكّل معضلة في وجه السياسة اللبنانية، على الأقلّ منذ عام 2005. فسطوة حزب الله على النظام السياسي، من خلال استعمال العنف والتهديد الدائم بالاقتتال الطائفي، شكّلت عقبة نحو أي تسوية مع سائر القوى السياسية أو نحو أي إصلاح طالب به الشارع. 

وإذا كان بعض هؤلاء النقّاد قد خضع لإغراء الحروب الخارجية، فإنّ مواقف حزب الله الداخلية ليست أكثر تعقُّلاً. ففي ظل الحرب، قرّر ممثّلو الحزب أن يخوّنوا فئات واسعة من الشعب اللبناني، كما فعل محمد رعد، رئيس الكتلة النيابية لحزب الله، حين انتقد اللبنانيين الذين يرتادون المسابح والملاهي، أو نواف الموسوي الذي خوّن فئات واسعة من اللبنانيين، بعدما هدّدهم (مجدّدا) باللعبة الديموغرافية. 

في وجه النرجسية، جنون عظمة لم يردعه لا الاعتراض الداخلي ولا الانهيار الكامل. 


أسئلة الإبادة

من غير الواضح كيف ستغير الإبادة، وما سيليها من صفقات أو تسويات، المنطقة. لكنّ الأكيد أنّه مهما سيحصل على الجبهة الجنوبية، فإنّ لبنان يتّجه نحو أزمة سياسية عميقة، مفادها أن الأطراف المحلية ما زالت متمسّكةً بحسابات ما قبل الإبادة، لا بل اتّخذت من الإبادة ذريعةً لتعميق استقطابات ما قبلَها. وفي ظل هذا التمسّك بالاستقطابات السابقة، لا يلوح أي أفق محلي لخروج لبنان من دوّامة الأزمات المقبلة.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
ما هي الفصائل المُشاركة في عمليّة «ردع العدوان»؟
الراعي جمال صعب شهيدٌ جديدٌ للخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار 
قوّات الاحتلال تقتحم المستشفى التركي في طوباس
10 شهداء في العدوان الإسرائيلي على لبنان أمس الاثنين
معارك في دير الزور لطرد الميليشيات الإيرانيّة
81 شهيداً 304 مصابين منذ بداية عدوان الأسد وروسيا على إدلب وحلب