نظرة ثورة تشرين
غسّان سلهب

اقتراح لإدارة ذاتيّة – ١

9 كانون الأول 2019

إذا كان لا يزال لدينا أدنى شك، فلقد محتْهُ السلطات الموجودة، السلطات «القائمة». ما عاد لدينا ما نتوقّعه منها.

يجب أن نتجاهلها. فهذا ما تفعله هي، تتجاهلنا، تتجاهل انتفاضتنا والحالة السائدة في البلاد. هذه السلطة لم تجلب الكارثة للبلاد فحسب. هي الكارثة بحدّ ذاتها، الكارثة المتجسّدة.

فلنتجاهلْهم كما يتجاهلوننا، ولنتولَّ الحالة القائمة، لنتولَّ حالة الطوارئ الناشئة في البلاد. فلنبرهن أننا مسؤولون، عن أنفسنا، عن الذات، عن الآخر. فلنبرهن ليس للسلطة (أو السلطات)– فهي صمّاء وعمياء على شتى الأصعدة، إضافة إلى أنها منصرفة إلى حساباتها وحيلها المعتادة – ولكن لأنفسنا. فلنكن بمستوى انتفاضتنا.

بالتالي إليكم هذا الاقتراح: يجب أن نستعمل كلّ مواردنا (أي موارد كل شخص وموارد المجموعات المختلفة التي نعرفها) كي نُعدّ جردةً بكافة الجمعيات على اختلاف أنواعها، الرسمية وغير الرسمية، والتي تعمل في ميادين مختلفة، في أي قطاع كان، في كل أنحاء البلاد، والعديد منها موجود قبل الـ17 من أكتوبر بكثير، وذلك كي يعلم الجميع بوجودها، وبوجود كل واحدة منها؛ وبما تفعله كل واحدة من تلك «الجمعيات»، وكي تشرح كلٌّ منها ما تقوم به وما تملكه وما تفتقر إليه.

إذاً يجب تقييم الوضع بأسرع وقت ممكن، وذلك من دون أي هرمية أو مركزية، لكن عبر التنسيق الدائم. يجب بأسرع وقت ممكن خلق منصّة إلكترونية تجمع كل المعطيات والتحركات اليومية، كي تصبح هذه المعلومات بمتناول الجميع. ونظراً إلى الوضع القائم وحالة الطوارئ، فإنّ الحاجات كثيرة: المأكل، الاستشفاء، الأدوية، المدرسة، الملبس (نحن على أبواب الشتاء)، المسكن...

من الواضح أنّ أكثر من مبادرة قائمة تستطيع أن تُستكمَل، وعليها أن تُستكمل بشكل موازٍ. فالاقتراح الذي نقدّمه هنا نابع من الحاجة إلى تنسيق القوى الموجودة ومواءمتها بالنسبة إلى الحالة التي نواجهها، وذلك بحرية مطلقة طبعاً.

لذا علينا أن نطلب وأن نجد بأسرع وقت ممكن المساهمات المختلفة، اللوجستية والمادية، كي نجمع وننقل المنتجات المختلفة من حيّ إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى. كما علينا أن ننشئ بأسرع ما يمكن عدّة صناديق غير مركزية، ويجب أن تكون شفافة كلياً. سيكون الواهبون كثراً بالتأكيد، ومختلفين، وبالطبع لن يفرضوا أي شروط، وإلّا فلتذهب مساهمتهم إلى الجحيم! سنحتاج حتماً إلى العديد من المتطوّعين، لكن يجب أن يتناوبوا بانتظام على المهام، كي لا يتمّ تكليف أحد بعمل واحد.

من الطبيعي أن يبدو هذا الاقتراح ساذجاً وغير واقعي، لكن أليست هذه اللحظة المناسبة المناسبة كي نرغب في المستحيل ونقترحه؟ من يدري؟ قد تولد طريقة عيش جديدة في هذا العالم! فالساذج قد يكون هو الواقعي في حالات الطوارئ. ففي اللحظة ذاتها التي تتمّ فيها صياغة هذا النص، تنشأ العديد من مبادرات التضامن في البلاد، بطريقة لامركزية ولاهرمية. فكما يحصل تكراراً منذ شهرين، الفكرة موجودة ولا تنتظر نصًا، ولا يمكن إلّا أن تتحقّق وتنتشر.

آخر الأخبار

حدث اليوم - فلسطين  الجمعة 19 نيسان 2024
«لا مجاعة في غزّة»
جعجع: الأمن الذاتي بحجّة مكافحة النزوح السوري
اجتياح رفح 
الإفراج عن الأكاديمية نادرة شلهوب كيفوركيان
خوفاً من مذكّرة اعتقال دولية