تعليق كورونا
خليل عيسى

أمّ الفقير تصيح: فلتسقط السلطة الوبائيّة

16 نيسان 2020

كالسحر نزل الطرابلسيّون، «الشعب الفقير» الجائع. غلاء أسعار فاحش في المدينة.

- لماذا لم تنزل بالكمامة؟ - الكمامة حقها 2000 ليرة. بحقها بشتري ربطتين خبز وباكلن.

تُثبت الانتفاضة الطرابلسيّة أنّ خمسة أشهر من التظاهر ببرنامج متعدّد متنوّع، متضارب أحياناً في أولويّاته، جعلها أكثر نضجاً.

يحمل فقير طرابلسي حذاءه أمام الكاميرا مكرّراً أطخن زعيم على صبّاطي! وكلّن يعني كلّن! لم يفُتْه أنّ «زعماء» المدينة اجتمعوا منذ أيام بحجّة متابعة أزمة الكورونا، أصحاب مليارات وزعماء «تاريخيون» بات الطرابلسيون يشتمونهم عند تسمية أيّ اسم منهم.

وللثائرات مكانهنّ المركزيّ في الانتفاضة الطرابلسية في التحديث الثاني. كنّا عم ندقّ على الطناجر ضدّ العنف المنزلي الذي تتعرّض له النساء في الحجر، ورأينا الناس تتجمّع في الساحة! ونحنا ثائرات!


بدأ البروفيسور خطابه عند هطول المطر. وعدَ الطبقة الوسطى اللبنانية، ومنها الطرابلسية، بأنّه سيوقّع على مراسيم توظيف لأبنائها. هي رشوة لسلطة تفهم تماماً أنّ جزءًا من هذه الطبقة الوسطى يراهن على عكس الزمان. إنّه حلم العودة إلى الما قبل. إنّه التحشيد ضدّ الأعداء من الانتقادات ومن الثوّار. محاولة لتركيب حلف بين واجهة سلطة وبين مودعين يفقدون كلّ يومٍ من قيمة أموالهم. يُسرَقون وهم محجورون. هذا هو الوجه الآخر لنجاح السلطة في وضع المقيمين، لبنانيّين وسوريّين وفلسطينيّين، الشعب الفقير المقيم الفعليّ، في الحجر.

بدأ جزء من الطبقة الوسطى التي أرادت إعطاء الأمل للسلطة الوبائية، يرى بأنّ أمواله تتبخّر. 3000 ليرة كانت العتبة النفسية التي لم ينسَها هذا الجيل الذي خرج من الحرب عام 1990، لكن هذه المرّة، لن تكون كابوسًا يدوم لأيّام ثم يختفي. ستصبح 4000 أو 5000 من يدري.

قبل هطول المطر بقليل، منعت السلطة الناس من الحصول على الدولار في شركة الوسترن يونيون ومثيلاتها. يغنّي منتفض قائلًا: لهّونا بالكورونا وبعدُن عم يسرقونا! وتصرخ إحدى الحجّات: حين تضعون الناس في الحجر لشهر، وتقولون لهم ألا يشتغلوا، يجب أن تعطوهم ما يأكلونه. في بلاد برّا عم يعطوهن 1000 دولار.


في الجزء الأكبر من خطابه، تحدّث البروفيسور عن أصوت «النشاز» وهو يستعمل لغة الجسد هذه المرّة. الإصبع واليد تلوّحان. يشدّد على خطورة الجائحة، لكنّ جزءاً من الفقراء لديه رأي مختلف تماماً. يقولون: هيدي الكورونا كذبة. هم يعرفون طبعاً أنّ هناك وباء، لكن هناك كورونا الوباء الطبيعي، وهناك كورونا السلطة، الكورونا الذي تصنعه السلطة بأجهزتها الإعلامية ولائحة إصاباتها التي لا تعني شيئاً سوى مجاعة محقّقة بالنسبة لهم.

يعرف الفقير الطرابلسي أنّ الكورونا ليست كذبة. لكنّ هذه السلطة الوبائية تلوم شعبها وتشتمه لعدم التزامه الحجر، ثمّ تلومه على تفشّي الوباء وهي لم تزِد بعد عدد الفحوصات لمقيمين لا تريد حتى أن تعرف تعدادهم. لقد أجرت فحوصات لما يوازي 0.17% من المقيمين، وهي ترفع راية النصر. لكن لا أحد من فقراء الفيحاء يصدّق بأنّ هذه «السلطة الوبائية»، كما سمّاها شاب في ساحة النور، «قلبها على الشعب».

هذه السلطة هي التي يصرخ الطرابلسي الفقير بوجهها: يا سلطة وبائية، صحتنا أولوية، والموتة هي هي والثورة صارت فدائية!

آخر الأخبار

إسرائيل تقصف حلب وتقتل 38 شخصاً، بينهم 5 عناصر من حزب الله
تحرّكات «بالستاين أكشن» تنجح
تراجُع أميركيّ يفتح الباب لاجتياح رفح 
مختارات من الصحافة الإسرائيلية 28/3/2024 
الخارجية الأميركية عن تقرير ألبانيزي: مُقرّرة معادية للسامية
حدث اليوم - فلسطين الخميس 28 آذار 2024