قضية الأسبوع الحرب على لبنان
ميغافون ㅤ

أسبوع غيّر المعادلة

21 أيلول 2024

استهداف في الضاحية

استهدف الجيش الإسرائيلي الضاحية الجنوبية لبيروت وقتل القائد العسكري في حزب الله، إبراهيم عقيل، إلى جانب مجموعة من قياديي قوة الرضوان وضحايا مدنيين. هذا الاستهداف الثالث للضاحية الجنوبية، ولكنّه على اختلاف الاعتداءات السابقة، يأتي مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي بأن الضاحية الجنوبية لبيروت لم تعد مستثناة من دائرة الحرب. كما يأتي في سياق أكبر تصعيد إسرائيلي على جبهته الشمالية. فبعد تصريح نتنياهو بأنّ هدف الحملة على لبنان هو «إعادة سكّان الشمال إلى منازلهم»، أعلن وزير الدفاع «نقل الثقل إلى الشمال». تتالت التصاريح المهدّدة وتزامنت مع نقل لقوات إسرائيلية نحو الحدود الشمالية وتصعيد عسكري في جنوب لبنان وإلقاء لبالونات حرارية فوق بيروت لأول مرة منذ بداية الحرب. «إعادة سكّان الشمال إلى منازلهم» يمرّ بعقل نتنياهو من خلال تهجير سكّان الجنوب وإعادة خلق الشريط الحدودي. التصعيد الحالي هو محاولة لفرض هذا الواقع، إما عسكريا وإما دبلوماسيا إن رضخ حزب الله. وفي الحالتين، فإنّ فتح جبهة جديدة يصب في مصلحة نتنياهو الذي يحاول إطالة عهد حكومته من خلال الدم. 


اختراق «التقنية»

في ظل هذا التصعيد، أخذ هجوم «البيجرز» واللاسلكي طابعًا مختلفًا، كمقدمة لعملية أكبر، رغم ضخامة الهجوم. لم يكن أحد يتوقع ما جرى. حتى حزب الله اضطر بالاعتراف بأن الضربة «كبيرة وغير مسبوقة»، كما وصّفها أمين عام الحزب في خطابه يوم الخميس. لم يكن هذا الاعتراف إلّا تأكيدًا لمناخ شعبي، بات يشعر بحالة من العجز والخوف، وحتى بحالة عدم فهم لما جرى. فما نعرفه عما حدث ليس كافيًا لفهم حدوده. بات عدد الضحايا معروفًا وخيوط عملية الاختراق تنكشف وطبيعة الاستهداف تتضح. الهجوم جريمة حرب طالت أفرادًا في مجال حياتهم اليومية والحميمية. لكن رغم كل هذا، يبقى الحدث غير مفهوم، وكأنّه افتتح مرحلة جديدة، مخيفة وغامضة وسوداوية، ما زلنا نجهل معالمها وطبيعتها. «التقنية» باتت مصدر خطر، مهما كانت بدائية. لم يعد هناك ثقة بماكينات كانت قد أصبحت من ثوابت الحياة اليومية. 


نصرالله والتحضير للاجتياح

خرج نصرالله بخطاب كان مقرّرًا قبل وقوع الهجوم الثاني واستهداف الضاحية الجنوبية. هذه المرة لم يرفع نصرالله معنويات جمهوره، بل اعترف بقساوة الضربة وحجمها غير المسبوق. وهذه المرة، لم يكن هناك وعد بردّ سريع. ربّما أدرك نصرالله أنّ الكلام عن رد لن يقنع أحداً بعد كل ما حصل، وهو الذي خرج بصعوبة من عملية الرد على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر قبل بضعة أسابيع. وربّما لأن الحكومة الإسرائيلية فهمت أنّ إمكانيات الردّ تضيق، فبادرت بعملية الاغتيال، بعد أقل من يومين على قيامها بمجزرتين كبيرتين. وما من مؤشر بأنّها ستقف عند هذا الحد. 

استبدل نصرالله التهديد عالي النبرة بتحذير من اجتياح بري وكأنّه بات يعترف بانتهاء مرحلة الإسناد وبداية مرحلة جديدة، عنوانها توسيع الحرب في لبنان. حاول نصرالله إعادة ربط جبهته بمسار التفاوض حول غزّة، لكنّه بات يدرك أن جبهته أصبحت وحيدة، معزولة عما يحصل بالمنطقة، ولها منطقها الخاص، منطق فرضته إسرائيل في الأسبوع الأخير. حزب الله لم يعد يفاوض مع حماس، رغم تأكيده بربط مصير جبهته بالمسار التفاوضي، بل بات يفاوض على مستقبله في الجنوب، وربّما وجوده. 


انكسار الصورة واختراق الجسم

في اللحظة ذاتها التي كان فيها نصرالله يحذّر من اجتياح برّي، كانت الطائرات الإسرائيلية ترمي بوالينها الحرارية فوق بيروت، وكأنّها تريد أن تذكر أن كلام نصرالله لن يردعها أو يخفف من سيطرتها العسكرية. وهذا ما أكدّته باليوم التالي على الخطاب، مع استهدافها للضاحية الجنوبية وتأكيدها قتل قياديين في قوة الرضوان. يخرج حزب الله من هذا الأسبوع مضعفًا، وذلك لعدد من الأسباب:

1- تضعضعت صورة حزب الله إلى حد الإنكسار، وهي صورة كان قد بناها بتروٍّ منذ حرب تموز 2006، وحتى قبلها. فظهر حزب الله، ولأول مرة، غير قادر على تقديم رواية مقنعة لما حصل، يتلقى الضربات واحدة تلوة الأخرى من دون القدرة على إظهار ردّ رادع.

2- انكسار الصورة ليس إلّا ترجمة لحالة الخرق الاستخباراتي، والتي باتت تطال أكثر الحلقات القريبة من القيادة. وعمليات الأسبوع الفائت تشير إلى توسّع حالات الاختراق وتحوّلها من حالات فردية إلى اختراق بنيوي، بات يهدّد جسم الحزب ككل. 

3- إلى جانب استهداف قيادييه العسكريين وكوادره الحربية، يجد الحزب نفسه محشوراً في مواجهة عسكرية لصالح خصمه. فمنظومة الردع التي بناها على مدار السنوات لا تنفع في حرب اغتيالات، خاصة عندما يدرك الحزب استحالة إعلان الحرب الشاملة من جهته. فيجد نفسه مستنزفًا من دون القدرة على الرد في معركة طويلة الأمد. 

عندما دخل حزب الله في الحرب في الثامن من أكتوبر، لم يكن يتوقع إطالتها كل هذا الوقت وتحوّلها من حرب مع جيش نظامي إلى حرب اغتيالات استخباراتية. كما حاول تأكيد الطابع الإسنادي والثانوي لجبهته في وجه رغبة الحكومة الإسرائيلية فتح جبهة جديدة معه. هذا الخيار لم يعد موجودًا بعد هذا الأسبوع، وأصبحت الحرب تخاض هنا، بمعزل عن غزّة، وعلى مستقبل حزب الله. الخيارات المتاحة اليوم باتت تضيق، وكلها دموي. 

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
هكذا حرّر السوريّون أنفسهم من نظام الأسد
21-12-2024
تقرير
هكذا حرّر السوريّون أنفسهم من نظام الأسد
مجلس الأمن يمدّد عمل القوّات الدولية في الجولان السوري 
بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الاحتلال مقابلة مع «وول ستريت جورنال»
30 جريحاً في تل أبيب بصاروخ يمني 
أسبوع دراسي من دون الأسد
21-12-2024
تقرير
أسبوع دراسي من دون الأسد
بعد لقاءٍ مع هيئة تحرير الشام بدمشق