هل الثنائي الشيعي يحاول السيطرة على حركة الشارع؟
لماذا هذه التظاهرة المفاجئة؟
هل الهدف الإطاحة برياض سلامة أم بحسّان دياب؟
هل انهارت الليرة فعليًا أم أنّها مجرّد شائعات هدفها إشعال الشارع؟
هل هي محاولة من أحزاب السلطة لإعادة إنتاج تسوية جديدة؟
كيف انتقلنا من حرب أهلية إلى وحدة وطنية ببضعة أيام؟
هل هناك علاقة سببيّة تربط بين «قانون قيصر» والاحتجاج في الشارع؟
لعلّ هذه هي أسئلة الساعة الأكثر تداولاً بين المحلّلين/ات والمراقبين/ات والناشطين/ات... لكن، بعد هذه الأسئلة التي بقيت من دون جواب، ثمّة أسئلة أخرى:
من هو الهدف الفعليّ للثورة اليوم: رياض سلامة، حسّان دياب، العهد القوي، سلاح حزب الله، المنظومة الحاكمة...؟
هل يجب البقاء في الساحة مهما كان الوضع أم على «الثوّار» أن ينسحبوا لكي لا يتّم استغلالهم؟
ما هي المطالب «المشروعة» للثورة، وما هي المطالب الدخيلة عليها؟
من هم «راكبو الموجة» و«المندسّون» و«الطابور الخامس»، وهل هم موجودون فعليًا خارج المخيّلة الطاهرة لبعض الثوّار والثائرات؟
لكن، كما الأسئلة التي سبقتها، بقيت هذه بلا إجابة أيضًا، تشكّل السياق التساؤلي لكلّ حركة في الشارع.
ليس الضياع السياسي الناتج عن احتجاجات الأسبوع الفائت وليدَ تلك الأحداث وغياب وضوحها. فالوضوح، إن وُجد، قد يكون دليلًا على انتهاء الثورة وتعليباً لمساراتها.
سيكون الشارع غامضًا دائمًا، يتقاطع فيه عدد من المسارات والمحاولات والرغبات السياسية، لتجعله أقرب إلى ساحة اختلاف وصراع من جبهة منيعة في وجه سلطة خارجة عنه.
كما أن الثورة ليست منطلقاً للكلام السياسي بقدر ما هي هذا الحقل من الصراع والاختلاف، الأرضية التي تتنازع عليها كافة الأطراف، تلك التي في المعارضة أو في الحكم.
بهذا المعنى، كلّنا مندسّون نحاول ركوب الموجة وتحوير «الثورة». وقد يكون هذا هو الوضوح الوحيد الذي نستطيع الوصول إليه اليوم.
في وجه هذا الضياع الناتج عن التمسّك بصورة عن الثورة ككائن سياسي يجب السيطرة عليه، بدأ يتحوّل الكلام عن «التنظيم» كنوع من الحلّ السحريّ لكافة المشاكل السياسية التي تواجهها الحركة الاحتجاجية.
فبات تعثّر «الثورة» يعود لقلّة تنظيمها، كما يردّد أكثرية المتحدّثين/ات باسمها، مطالبين المجموعات بتنظيم الصفوف وتأطيرها. ولكنّ السؤال عن سبب «قلّة التنظيم» يبقى بلا جواب، أو يتمّ تفسيره بالعودة إلى صراعات شخصية أو ثارات جماعية.
فيتحوّل المطالبون/ات بالتنظيم إلى أنبياء، يردّدون دعوتهم لرعيّة ترفض الانصياع لنظرتهم، من دون الانتباه بأنّ «التنظيم» بات مجرّد صنم، يعكس التعثّر الحالي ولا يفسّره.
فإن كان للتنظيم أيّ معنى، فهو أداة «وساطة»، يربط بين النظرية والعمل السياسي، بين الهدف والوسيلة، بين الجمهور العريض والناشطين/ات «المحترفين». إن كان من حاجةٍ للتنظيم، فليس من خلال تجميع المجموعات وتحضير اللوائح الانتخابية وابتكار أطر تنسيق فحسب، بل بالعودة إلى النظرية السياسية، نظرية تبدأ بإرساء نظرة اجتماعية للثورة ورؤية سياسية لسياقها الداخلي والإقليمي وشكل الإجماع السياسي الذي تطمح إليه.
خارج هذه النظرية، سنبقى برواية «البوليس والحرامي» التي لا تنتج إلا تساؤلات، يُراد منها أن تكون عميقة، ولكنّها لا تشير إلا لضياع مَن يرفض الاعتراف بواقعه.