تعليق طوفان الأقصى
سامر فرنجية

إنّه نظام الاستيطان، وليس نتنياهو

3 أيلول 2024

انقسام في تل أبيب

على أثر اكتشاف جثث ستّ رهائن، اندلعت تظاهرات في إسرائيل، حمّلت رئيس الحكومة مسؤولية ما جرى، رغم محاولات السلطات الإسرائيلية تحميل حركة حماس مسؤولية قتلهم. استمرت التظاهرات وتحوّلت إلى إضراب عام في بداية الأسبوع بقيادة الهستدروت، أكبر نقابة عمالية، ما عمّق الانقسام السياسي إلى حد الانفجار، كما حصل في آخر جلسة حكومية بين رئيسها ووزير دفاعه. لم تعد الحرب خارج السياسة الإسرائيلية، معزولةً عنها من خلال طوق التوافق السياسي، بل دخلتها بعد أكثر من عشرة أشهر، لكي تزداد الضغوط، الداخلية والخارجية، على نتنياهو لكي يقبل باتفاق وقف إطلاق النار وصفقة التبادل.


نتنياهو وليس الإبادة

يحتجّ المعترضين على إدارة الحرب من قبل نتنياهو وإخفاقه بإطلاق سراح ما تبقى من الرهائن، وليس على الحرب التي تبدو من مسلمات الموقف السياسي اليوم. فقلّةٌ ممّن شاركوا بالاحتجاجات، تتّهم الحكومة بالإبادة. فحملة الاعتراض الحالية ليست وريثة تظاهرات عام 1982، التي ندّدت بالدور الإسرائيلي في مجزرة صبرا وشاتيلا، كما لم تنبع من حملة رافضي الخدمة في الجيش الإسرائيلي، التي ندّدت بسياسة الاستيطان الإسرائيلية. الاعتراض الحالي ليس موجّهاً ضدّ الحرب، بل ضدّ كيفيّة إدارتها من قبل نتنياهو. هو اعتراض «داخلي» المصدر، يعبّر عن سخط واسع ضدّ نتنياهو الذي كان يواجه حملة اعتراض واسعة قبل الحرب، وعن رفض للتطرف المتزايد في السياسة الإسرائيلية. وجد المعترضين على نتنياهو نقطة تقاطع في مسألة الرهائن، سمحت بتركيز كل النقد السياسي على شخص رئيس الحكومة. يتماشى هذا الموقف مع اتجاه «المجتمع الدولي» لتحميل نتنياهو ثمن الحرب، ما يفسّر الاستقبال العارم لخبر الإضراب في الإعلام الغربي. لكنّ شخصنة المسألة وربطها حصريًا بشخص نتنياهو ليسا إلّا هروبًا من مواجهة مسؤولية نظام الاستيطان عن ارتكاب الإبادة، ومحاولة لإنقاذه من خلال التضحية برئيس حكومته.  


التركيز على نتنياهو لتفادي مسألة «اليوم التالي»

وفق مقولة الشخصنة هذه، باتت الحرب مستمرة حصريًا جراء تلاعب نتنياهو ومحاولته إنقاذ مستقبله السياسي بعد غزة. ربّما كان هناك بعض من الحقيقة في هذا، لكن من غير الأكيد أن نتنياهو سيرضخ للضغوط المتزايدة. فقد استطاع منذ التسعينات اللعب على توازنات السياسة الإسرائيلية من أجل البقاء، وما زال يقوم بذلك من خلال وزرائه المتطرفين الذين يشكّلون توازنًا أمام الاعتراض الداخلي، حتى يبقى نتنياهو في موقع الصدارة في السياسة الداخلية. وبروحية التلاعب نفسها، استطاع نتنياهو حتى الآن التهرّب من الضغط الدولي من خلال توسيع رقعة الصراع وجرّ حلفائه إلى مواقف قد لا يريدونها. وفي هذا السياق، يأتي اتّساع الحرب الجزئي إلى الضفة الغربية، بعد التصعيد الإقليمي في الشهر الماضي، كإعلان ضمني بأنّ مشروع الحرب قد لا ينتهي مع هدنة أو تبادل رهائن. 

جاء تمسك نتنياهو الجديد بمحور فيلادلفيا كتأكيد لمن يعتقد أنّه سيستمر بخلق العراقيل من أجل تفادي ثمن «اليوم التالي». يمكن اعتبار هذا المطلب كاختراع آخر لحظة من قبل سياسيٍّ بات ظهره على الحائط. لكن إذا ابتعدنا بعض الشيء عن نتنياهو، قد يبدو مطلب فيلادلفيا، مثله مثل اتساع الحرب شمالًا وفي الضفة الغربية، مطلباً لنظام استيطاني بات يحتاج إلى نقاط اشتباك دائمة، تسمح باستمرار العنف خارج نطاق الحرب الرسمية. فربّما كان هذا النظام هو الذي يحتاج إلى تغيير قواعد الاشتباك للاستمرار، وليس فقط نتنياهو ومستقبله السياسي. هذه هي الخلاصة التي يحاول نقّاد نتنياهو الغربيون تفاديها، على الأرجح، من خلال تحويله إلى المسؤول الوحيد عمّا يجري.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
ميساء صابرين: أوّل حاكمة للبنك المركزي في سوريا
جيش الاحتلال يتوغّل في مدينة القنيطرة السوريّة
7 فلسطينيين تجمّدوا حتّى الموت في غزّة
تعليق

استمرار حرب إبادة ونهاية نظام إبادة

زياد ماجد
تسريبات إسرائيلية جديدة حول اغتيال هنية
الاحتلال يستهدف مستشفيَين في مدينة غزّة