تحليل رياض سلامة
علي نور الدين

نهاية الحاكم الذي كذّب دائمًا

13 نيسان 2022

نهاية الحاكم تنتظر نهاية العهد

لا يحتاج المرء إلى كثير من التحليل ليدرك أن مسيرة حاكم مصرف لبنان باتت في خواتيمها. 

لا يمكن لرجل ملاحق في أربع دول أوروبيّة، وخاضع لحجوزات على حساباته المصرفيّة وممتلكاته العقاريّة هناك، أن يستمرّ طويلًا في منصب يحتاج إلى السمعة الحسنة، خصوصًا في دولة لا تملك الكثير من الرهانات غير برنامج قرض صندوق النقد الموعود. وهذه المصداقيّة والسمعة الحسنة، لا يؤمّنها اليوم الحاكم المؤتمن على سلامة القطاع المصرفي. 

آخر ما يؤجّل الإطاحة بسلامة اليوم ليس سوى العهد نفسه، وخوف الآخرين من جشع أزلامه التوّاقين لفرض حاكم عونيّ للمصرف المركزي، بما يؤمّن سطوة التيار على الحاكميّة لستّ سنوات. وأيّ حاكم عونيّ سيعني إقباض باسيل على مفاتيح تعيينات وخدمات وصفقات لا تنتهي: من محفظة مصرف لبنان العقاريّة، إلى تعيينات كازينو لبنان وشركة طيران الشرق الأوسط وشركة إنترا، وصولًا إلى تعيينات موظفي المصرف المركزي نفسه، التي لا تستقيم إلا بتوقيع الحاكم.

في خلاصة الأمر، وبين اشتداد الضغوط القضائيّة في الخارج، وخشية الأطراف السياسيّة المحليّة في الداخل من النَّهَم العوني، من الواضح أنّ مسيرة سلامة لم تعد تنتظر إلّا نهاية العهد لتتمكّن القوى السياسيّة المحليّة من البحث عن بديل لائق للرجل دون الخضوع لابتزاز «توقيع عون». عندها، سيكون بالإمكان البحث عن خروج آمن لسلامة من الحاكميّة، ما قد يحرّر الجميع من عبء الحاكم الملاحق بالدعاوى القضائيّة في الخارج.


كذب الحاكم

في نهاية حقبته، سيكون بإمكان الجميع أن يتذكّر سلامة بعبارة واحدة: الحاكم الذي كذّب دائمًا...

هو كذب يوم واجهته الصحافة الاستقصائيّة بخصوص شركة شقيقه، فأجاب بأنّ أعمال الشركة لم تنطوِ على أي كسب من المال العام. ثم تبيّن أن الشركة حصّلت في حسابها الوسيط لدى مصرف لبنان عمولات كان يفترض أن تصبّ في ميزانيّة المصرف المركزي، من عمليّات بيع السندات وشهادات الإيداع التي جرت بين المصارف ومصرف لبنان، بتأكيد من وكالة رويترز التي اطلعت على عقود عمليّات البيع.

هو كذب يوم أجرى الهندسات الماليّة الشهيرة سنة 2016، وأكّد للجميع أن العمليّات لم تنطوِ على سداد أيّ مبالغ من المال العام للمصارف، ثم تبيّن أن تلك العمليّات لم تكن سوى أكبر عمليّة نقل للأموال العامّة إلى أموال المصارف الخاصّة. وبالتدقيق في تلك العمليّات، تبيّن أنّها كانت السبب الرئيسي لتضخّم كتلة الخسائر في مصرف لبنان بين عامي 2016 و2019، ما أفضى إلى تعثّر المصرف لاحقًا. 

هو كذب يوم ربط كتلة الخسائر المصرفيّة بالدين العام، إلى أن تبيّن في الخطة الماليّة الأخيرة التي بصم عليها بنفسه أن 87% من الخسائر مرتبطة بميزانيّات المصرف المركزي نفسه، لا سندات الدين السيادي.

وحتمًا، كذب في ادعائه الحرص على الاحتياطي الإلزامي، لإخراج البلاد من مرحلة الدعم، ثم بدّد الاحتياطي نفسه في عمليّات ضخ الدولار من الاحتياطات نفسها. 

وفي كل ما قام به، كان انعدام الشفافيّة العنوان الأساسي: 

من إخفاء صفحات من تقارير صندوق النقد الدولي، إلى إخفاء ما كان يتراكم من خسائر في مصرف لبنان، إلى الألاعيب المحاسبيّة التي تمّ اعتمادها لتسجيل الخسائر كأصول وهميّة، وصولًا إلى إخفاء العديد من المؤشرات الماليّة التي كان بإمكانها أن تنذر اللبنانيين من مآل الوضع المالي قبل العام 2019.

حكاية بطل أبطال حكام المصارف المركزيّة، كما كان يتغنّى به الإعلام المصفّق له، باتت في خواتيمها. المهم اليوم، هو إعادة النظر في هيكليّة المصرف المركزي نفسه، ونوعيّة الصلاحيّات التي يحتكرها الحاكم بمفرده، كي لا تنتج لنا الهيكلة الحاليّة رياض سلامة آخر.  

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
فيدان والشرع عن قسد: لا مكان للسلاح خارج الدولة
تخطيط قيمة حياة فتاة عشرينيّة مقيمة في بدارو
وزير الدفاع الإسرائيلي يزور جنود الاحتلال في جنوب لبنان
وليد جنبلاط في سوريا
جيش الاحتلال يحاصر مستشفى كمال عدوان ويهدّد بإخلائه
الاحتلال يجرف بساتين الليمون في الناقورة