تعليق دولة حزب الله
رواد طه

تيكيلا لجو وازدواجيّة للحزب

27 تموز 2021

منذ حوالي السنة، تحوّلت قصة نزول الصبية نداء حمزة بالمايوه إلى نهر الخرخار في الجنوب الى قضية رأي عام. فأعربت بعض الأصوات المقرّبة من حزب الله عن استيائها من المشهد الذي استفز البيئة المحافظة في المنطقة بحسب تعابيرهم. وتعرّضت الشابة نداء للانتقادات والتنمّر العلني من قبل الآلاف من أبناء القرية وخارجها. 

في الأسبوع الماضي، تعرّض أحد المطاعم وأصحابه للانتقاد في النبطية من قبل البيئة نفسها بعدما أقدموا على تنظيم سهرة لأحد فنّاني الصفّ الأوّل في ظاهرة لم تعتَدْ عليها المنطقة في السنوات الأخيرة، وتنوّعت الانتقادات من الحجج الدينية والثقافية إلى اعتبار أنّ المشهد لا يراعي الظروف المعيشية في ظلّ مفاعيل الانهيار والازمة الاقتصادية. 

أما هذا الأسبوع، فضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالانتقادات التي وُجِّهَت للنائب السابق عن حزب الله نوار الساحلي بعد انتشار مشاهد من حفل زفاف ابنته هالة الذي كسر كل القيود التي قد تفرَض وتسقَط على البيئة المناصرة لحزب الله. فلو لم يظهر النائب السابق في الصور، لما كان أحد ليتوقّع أنّه زفاف ابنة نائب في حزب الله. فمن اللباس إلى الموسيقى والرقص وصولًا الى كاسات الشامبانيا والتيكيلا، لم يكن عرساً متماشياً مع المعتقدات الثقافية والدينية التي ترافق الخط السياسي لحزب الله.


ليست المرّة الأولى التي نرى فيها ازدواجية المعايير لدى حزب الله.

ففي خطابات المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية منذ لحظة 17 تشرين، رفع نصرالله مبدأَيْ «الصبر والبصيرة» لإقناع جمهوره بأن الحالة الاجتماعية الصعبة هي أمر طبيعي، تتطلب التريّث والثبات والصمود. في الوقت نفسه، كانت الطبقة الميسورة من مسؤولي الحزب تقيم الاحتفالات على اليخوت بمشاهد لا تختلف كثيراً عن باقي احزاب الطبقة الحاكمة.

الصبر والبصيرة في وجه الحصار…

أليس حزب الله نفسه من يحاول جاهدًا لإقناعنا جميعًا، وإقناع جمهوره خصوصاً، بسرديّة الحصار الأميركي الذي أوصلنا إلى الأزمة، ويدعو مناصريه مرارًا وتكرارًا إلى تغيير أنماط العيش والتخلي عن الكماليات والبضائع الأميركية؟ وفي الوقت نفسه، نرى نوّابه وكوادره لا يركبون إلّا في مواكب من أفخم السيارات أميركية الصنع، ولا يحملون الا الهواتف الأميركية.

لا تنتهي الإزدواجية هنا. فتتجلى سياسيًا بتحالف حزب الله المقاوم مع التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل الذي صرّح ومن على شرفته في اللقلوق أنّه لا يرى في وجود إسرائيل ككيان أي مشكلة، وليس على خلاف ايديولوجي معها. باسيل نفسه عمل جاهدًا على إعادة العشرات من العناصر اللحديّة بعد تسوية ملفاتهم، وعلى رأسهم عامر الفاخوري الذي هرب بطوافة أميركية تحت وطأة العقوبات على أركان النظام.

أما هذا الأسبوع، فسمّى حزب الله ميقاتي رئيسًا للحكومة بالرغم من علاقة الاخير المعروفة منذ سنوات مع اطراف داخل الادارة الاميركية. وبصرف النظر عن علاقات ميقاتي الدولية، فهو من أعمدة الفساد في قطاع الاتصالات وفي ملف قروض الاسكان وفي علاقاته مع المصارف. وللمفارقة، فهذه القضايا الثلاث شكّلت نقاط ارتكاز حملات حزب الله الاعلامية لمحاربة الفساد. 


حال حزب الله في الازدواجية كحالِ جميع أحزاب السلطة التي يحميها. فمهما حاول جاهداً خلق صورة مغايرة لنفسه عن أحزاب المنظومة الأخرى، يبقى أنّه يطابقها في كلّ التفاصيل. وحال جمهور حزب الله الذي يعاني من مفاعيل الأزمة هي حال جماهير أحزاب السلطة. ففيما تنعم قياداتها بحياة البذخ والترف والرفاهية، تقع القواعد الشعبية في المآسي الاجتماعية، من طوابير الذلّ على المحطات إلى انعدام القدرة الشرائية.

بالعودة إلى الساحلي وعرس بنته، ستبقى صور هذا الزفاف في ذاكرتنا للمرّة القادمة التي تحاول البيئة الحاضنة لحزب الله أو حتى مسؤولو المناطق ورجال الدين المقرّبون منه قمعَنا في الجنوب والبقاع والضاحية.

زفاف هالة الساحلي أفضل أدوات المواجهة لقمع الحزب وازدواجيّته.

آخر الأخبار

الليلة الخامسة من تحرّكات الأردن
إسرائيل تقصف حلب وتقتل 38 شخصاً، بينهم 5 عناصر من حزب الله
تحرّكات «بالستاين أكشن» تنجح
تراجُع أميركيّ يفتح الباب لاجتياح رفح 
مختارات من الصحافة الإسرائيلية 28/3/2024 
الخارجية الأميركية عن تقرير ألبانيزي: مُقرّرة معادية للسامية