أعيدوا هذا الرئيس إلى النوم. ما كان ينبغي لكم أن توقظوه. ألغيتْ احتفالات الاستقلال، وكان يمكن إلغاء الخطاب. لكنّ دوائر القصر يبدو أنّها قد أدمنت المونتاج. وحين لا تُمنتج الصورة، تُمنتج نصّ الخطاب نفسه. فبدا الرئيس تائهاً في الزمن. هل يقرأ خطابه اليوم، أم هو خطاب الأسبوع الفائت، أم الأسبوع الذي قبله. ألم يقل مثل هذا الكلام في مقابلته الأخيرة؟ لكن، أين نقولا؟ وأين سامي؟ لا، ليست المقابلة إذاً. إنّه خطابٌ. لكن، مَن الذي سيُلقيه؟ أنا؟ من أنا؟
ميشال عون. نعم أنا ميشال عون. وها أنا أقرأ أنّي أنا من يحارب الفساد، وأنا من أطلب من الشعب أن يتحرّك، فيتحرّك الشعب لمساعدتي حتّى أقضي على الأشرار، أولئك الفاسدين المختبئين وراء طوائفهم.
لا لستُ ميشال عون. أنا جبران باسيل. لن أرضى بالكلّن يعني كلّن. هذا الشعار الذي يجرّم الأبرياء مثلي ويجهّل المرتكبين. أنا جبران الذي حفر الأرض واستخرج منها بترولاً سيسدّد ديون البلد ويعد بناءه.
لا لستُ جبران باسيل. ولستُ ميشال عون. أنا حسن نصر الله. وها أنا أقرأ أنّ المؤامرة الخارجية والتسويات والصفقات التي تُعدّ لمنطقتنا تهدّد كيان الدول ووجودها. لكنّنا كما انتصرنا وسننتصر على مؤامرات الخارج، سننتصر على أخطار الداخل التي تهدّد مجتمعنا واقتصادنا. أنا حسن نصر الله أريدكم أن تحملوا ملفّاتكم إلى القضاء. فالفساد لا يحارَب في الشارع. والشارع ليس المدّعي العام. وليس المحكمة. قلتُ هذا الكلام في يوم الشهيد، وها أنا أكرّره هنا.
لا لستُ حسن نصر الله. لستُ جبران باسيل. ولستُ ميشال عون. أنا إميل لحوّد. وجدتُ في أدراج مكتبي نسخة قديمة من قانون ضمان الشيخوخة. أعطوني فرصةً حتّى أشكّل هذه الحكومة الجديدة، وسأضمن لكم شيخوختكم.
لا لستُ حسن نصر الله. لستُ جبران باسيل. لستُ ميشال عون. ولستُ إميل لحوّد. أنا الياس الهراوي. اختلفت مع رئيس الحكومة، فقرّرتُ أن أطالب بالدولة المدنية. أليس هذا ما تطالبون به؟ لماذا لا تساعدونني؟
أعيدوا هذا الرئيس إلى النوم. ما كان ينبغي لكم أن توقظوه. في ليلة الاستقلال، يحقّ له أن يستريح. يحقّ له أن يتعرّف إلى نفسه في المرآة. أن يقول لزوجته في الصباح: أنا ميشال عون الذي كان.