اسمي موريال، كان حلمي عيش بوجه البحر. عالـ28، رح ارجع ع عجلتون من بعد ما تسقط قذيفة بشارع بيتي ببيروت. رح عيش مع أشباح كل اللي ماتوا أو تركوني. رح موت عالـ50، بعيد من الموج. سكتة قلبية، متل ما مات بيي.
شي هيك.
خلص الفيلم.
طفوا البروجكتور.
الصالة صامتة.
عم بسمع صدى المونولوجات عم يتخبطوا عالحيطان. صور الموج عالشاشة السودا. وين إتيان؟ بعدنا بالبترون؟
قصة ٤ شباب رايحين يزوروا عاملة الجنس لأول مرة.
الفيلم شعر بسيط. فيلم متواضع وجريء. مؤلم. كتير مؤلم. منضحك، مننزعج، منتشقف، منبكي. ما خاف جورج بربري بأول فيلم طويل لإلو يلعب ويخلق عدّته الإخراجية، تيفوّتنا من منظاره الخاص عالبترون وعلى مجتمعها، على المراهقة والرجولة الهشّة والعجز الجنسي.
بلحظات، بينعزلوا الشخصيات بالصوت والصورة، ومنسمع مونولوج داخلي، كأننا ملاك من wings of desire، منقدر نسمعهن نحن وماشيين بيناتهن. بس هون ما عنا ولا قوة إلهية. بتخبر كل شخصية سيرة حياتها: تقل الماضي، وألمه، الواقع، كم لحظة لذّة وبسط، مستقبل مؤلم، وكيف رح تموت. كأن صوتنا الداخلي ما بيعرف حدود الوقت، بيعرف كل شي بوجعنا ورح يوجعنا.
ما بعرف ليه عم بحكي بالجمع.
نحن، خامس شخصيّة
بالبترون، عدنان أخذنا أنا وإتيان وجان بول ودنكورة نزور عاملة الجنس، كريستال، لأول مرة.
بربري بيفتحلنا الباب لنصير شخصية غير مرئية. منتطلع عالشخصيات التانية، اللي بيشبهونا وبيشبهوا اللي من حبّن. منسمعن عم بخبرونا قصّتن. منوجع إلن، ومننتبه إنو في نفس الألم بحالنا. منرجع منوجع لنفسنا. كل شي تقرر بطريقة انو نكون خامس شخصية. وكمان رح تخبّر قصتها. مننسى حالنا وين ومننسى إنو عم نحضر فيلم:
الوقت الروائي بيساوي (تقريبًا) وقت الفيلم، الكاميرا خفيفة، بتتنقل بين الشخصيات، بتتطلع عليهن ولا من فوق ولا من تحت، وبلا أحكام. والمشاهد طوال، بلا تغيير لقطة حتلهينا عن «الواقع». وحتى لما ينعزلوا الشخصيات لنسمع صوتن الداخلي، بتصير بنفس اللقطة. بلا قطشة.
كأن نمط الفيلم مستوحي من نمط الموج. بيشبه موج البحر بنهار من الصيفية، نهار عادي.
في موج، بس بطيء. لقطات طوال. موجة ورا موجة.
اللقطة ورا لقطة، بتتكوّن وبتخبط وبتموت.
التخبّط بيتكرّر وما بيتوقّف.
بس بيتكرّر.
المجتمع وإتيان (أو بربري)
غريب كيف بيخبّر قصة مجتمع بكامله بهالبساطة. مونولوج الـ4 شخصيات كفّوا ليخبروا قصة مراهقين «عم بصيروا رجال»: الوحدة، والهجرة والأَوْفَرة، والزواج بلا حب، والموت، والديون، والواجبات.
هاي هي الحياة؟ ناس بتعاني، وناس بتتفرّج. أو إنو كلنا عم نعاني. كل واحد بمطرح.
اللي ساعدت إمها تنتحر
اللي جربت تنهي حياتها أكتر من مرة
اللي تحرشوا فيه هو وصغير
اللي إجهضت وبدها تمحي الأثر من جسمها
اللي بحب الرجال ورح يتجوز مرا
بيسجّل كمان أصوات ناس تانية، بالباص او تلاقوا فيهن، عايشين عاداتن. هالأصوات بتكسر صورة المجتمع متل ما بيبيّن، وبيستردها ليكوّن صورة المجتمع متل ما هوي بيشوفها. كأن بربري عم يشدّد: كلنا موجودين، كلنا وين ما كان. والمحرمات والألم والأسرار والموت… المحرمات هو إنّو تحكي عن العجز الجنسي، والمقبول بالمجتمع إنّو تزور عاملة الجنس عالـ15. بلحظات، كان يطلع صوت بربري، بدل إتيان، ليتحدى أفكار المجتمع. بهل كم ثانية، ما كانت القصة بقى مقنعة.
الشخصيات بتتحوّل بين الواقع الروائي والمونولوج. بالواقع الروائي، جان بول بيلعب دور بوليس الآداب الذكوري، منكرهو. بس بالمونولوغ، ما فينا نكره. بربري حط الزوم-إن البطيء على صورة جان بول قبل المونولوج. وخلق حالة بالصالة: ناطرينه يقول مونولوجه، وعم نتخيّله. الموسيقى تعلى، وفقدت الأمل اسمع صوته. كنت ناطرة صوته مناطرة: شو قصتك؟ شو موجعك ورح يوجعك؟
بس يفوتنا بربري ع الغرفة مع إتيان وكريستال، مِن بطِّل خامس شخصية.
لأول مرة، إتيان مصوّر من فوق.
منصير براسه لإتيان. منغرق شوي شوي، منتحوّل للعجز.
كأنه مشهد الحلم بأول الفيلم؟ هل العجر بيجبرك تراقب؟
من بعد الغطيطة، البحر. عم يجي الموج صوبنا، بيتخابطوا فينا وبحالن.
الموج بيوقّعنا. عم نغرق بالبحر.
أوّل مرّة «الأخو منيوكة»
شي مرة عامل هيدا الشي مع حدا قبل؟
إي
أوّل فيلم لبربري. أوّل فيلم للممثّلين. أوّل فيلم لشركة الإنتاج. أوّل مرّة ما بتشبه أوّل مرّات. حلوة وناعمة وفيها كتير حب.
إجا الفيلم من حاجة لفيلم وين العالم بيلبسوا متلنا وبيحكوا متلنا. تصوّر هالفيلم بـ3 إيام تحضير و7 تصوير. تعوّدنا على أفلام من لبنان بتدور حول الكوارث- قبل، خلال أو بعدها- والكارثة بتكون موضوع الفيلم ويمكن الهوية اللبنانية بالسينما وبرّاتها. هالفيلم هوّي واحد من الأفلام الهامشية اللي بتكسر هالصورة. بيحطّ بربري بصلب فيلمه المراهقة والرجولة الهشّة، اللي ما عندها زمان غير أي زمان، واللي ما عندها مكان غير أي مكان.
الرجولة هي الكارثة الوحيدة تبع الفيلم.
بيضهر إتيان من الغرفة، «أخو منيوكة» وانصلب.
عا أمل يجي إتيان، وعا أمل نجي.