اتركوا المقاومة جانباً لأنّ هموم الناس أولى، والدولار يرتفع والدولة تنهار بينما شغلهم الشاغل المقاومة.
حسن نصر الله، 25 أيار 2022
لا جديد يُذكر. اتركوا السلاح جانباً، وانبروا لحل الأزمة الاقتصادية. اتركوا الوصاية السورية جانباً، وركّزوا على مواجهة العدو الإسرائيلي. اتركوا الفاسدين جانباً، وحيّوا إعادة الإعمار ورفع النمو. اتركوا الميليشيات جانباً، وصدّوا الغرباء عنا. اتركوا الأنظمة جانباً، ولنحرّر فلسطين. اتركوا الاستبداد والبوليسية جانباً، ولنُسقِط الإمبريالية.
لا شيء أقوى من بِدَع الأنظمة الاستبدادية، حزبية أو عسكرية أو طائفية، لا يهمّ. هذه الأنظمة قادرة، على مرّ العقود والمراحل وبشكل عابر للجغرافيا والمحيطات، على ابتداع العناوين والخصوم والأعداء وحرف الأنظار والاهتمام بالحقوق السياسية بحجّة الحروب الكبرى. حرب كبرى من أجل السيادة، من أجل الوطن، من أجل الأمّة، من أجل الطائفية، من أجل المذهب، من أجل المِحور.
لا مكان للثنائيات في لغة الأنظمة. ففي سلّة الأنظمة طعم واحد لأصناف مختلفة من العزّة والسيادة والكرامة الوطنية. لا تتّسع السلّة لأصناف بطعم آخر مثل الحقوق والعيش الكريم والحرية والكرامة الشخصية. والخيار يكون دائماً محسوماً لصالح هذه الحروب، ولو بقوّة النار وعتم الزنازين وسيوف الاتهامات بالعمالة. العمالة لمن؟ لإسرائيل. للخارج. أيّ خارج؟ أي خارج، لا يهمّ.
عيش، حرية، عدالة اجتماعية، هتف المصريون قبل 11 عاماً. فجاءهم ضابط ووضع ثقل حذائه العسكري على صدورهم بحجة انقلاب الإخوان، للانقلاب على الإخوان.
يا بشار ويا حيوان.. خود كلابك عالجولان، هتف السوريون قبل عشر سنوات. فأتت جيوش القدس إليهم وانشغلت في احتلالهم.
حرية، سيادة، استقلال، هتف لبنانيون قبل أكثر من 15 عاماً. فجاءهم كيل من الاغتيالات وسيل من السلاح والقمصان السود.
كلن يعني كلن... يلا ثوري يا بيروت... يسقط حكم الأزعر/ المصرف/ العمامات...، عاد اللبنانيون إلى الشارع قبل 3 أعوام. فسُحلوا، واعتُقلوا، ثم فُجّروا، وخُوِّنوا وباتوا أتباع سفارات.
مدنيّة... مدنيّة، هتف السودانيون منذ أشهر ضد الانقلاب العسكري. ولا يزالون إلى اليوم يُقتلون ويُدهسون في الشوارع على يد العسكر.
في حالتنا اللبنانية الحرجة، نعود إلى حيث كنا قبل عشرين عاماً أو أكثر. وصاية مشرّعة في البرلمان وعلى طاولة مجلس الوزراء وبقوّة نفوذ السلاح. وصي يسأل الجمهور عن اسم السفير الإيراني في لبنان، لإسقاط مقولة «الاحتلال الإيراني». هل كان لسلطة وصاية أو احتلال يوماً سفير في بلد محتلّ؟ لها حاكم، مندوب سامٍ، عنجر، بوريفاج، أو مرشد.
اليوم لدينا «كنز» هو الغاز. حقول الغاز نفسها التي تمّ التخلّي عنها لصالح العدو. نريد حمايتها. يجب حمايتها بأي ثمن. اصمتوا وابحثوا عن لقمة الخبز أولاً.
ضعوا موضوع السلاح جانباً ولنعالج الأزمة الاقتصادية. أولويّتكم الأكل والشراب والدواء والبنزين والكهرباء. سنرفع سعر الصرف الدولار أكثر، سنجوّعكم أكثر، سنقطع الكهرباء والماء ونقفل أبواب المستشفيات، لتعرفوا أنّ هذه هي الأولويات.
لكن ألم تكن هذه أولويات مَن نزل إلى الشارع في 17 تشرين، وقيل له يومها إنّ عليه أن يترك الشارع لأنّ الأولوية للمقاومة؟