انتفضت النقابة. فاكتسحت الانتخابات.
صوّتت مهندسات بيروت ومنهدسوها للبرنامج، وللمعايير، وللوضوح، وللتنظيم. فجاء أكبر ائتلاف انتخابي على مستوى الوطن وأكبر اكتساح لمقاعد هيئة المندوبين ومجالس الفروع.
«النقابة تنتفض» وثورة 17 تشرين
وُلد الائتلاف من رحم 17 تشرين، وانتقل من شوارع الثورة إلى داخل المؤسسات وأماكن القرار. وشكّلت انتخابات نقابة المهندسين في بيروت، التي كانت مقرّرة في آذار 2020 (قبل أن يتمّ تأجيلها)، حافزاً اساسياً للتواصل بين المهندسات والمهندسين المنتفضين للعمل بحرفية نحو هدف بناء الدولة انطلاقاً من المؤسسات. هكذا ولد هذا الائتلاف لإنقاذ النقابة وتحرير قرارها من أحزاب السلطة، وإعادتها صرحاً نقابياً علمياً وطنياً له دوره في بناء الدولة.
عام ونصف العام من العمل الجادّ المتواصل رغم كلّ التأجيل والتعطيل اللذين لم يثنيا جهود المهندسات والمهندسين المنضوين في مجموعات ائتلاف «النقابة تنتفض»، لا بل زادتهم تحدّياً وإصراراً إلى حدود الاعتصام والدعوى القضائية.
فرض ائتلاف «النقابة تنتفض» حصول الانتخابات النقابية، وكذلك فرض نتائجها.
اكتساح غير مسبوق ترجمته الأرقام العالية التي حصلت عليها مرشحات الائتلاف ومرشّحوه في ستّة فروع من أصل سبعة، حيث لم تحتفظ هذه السلطة إلا بفرع الموظفين والمتقاعدين مع الدولة. وهذا ما يؤكد أنّ السلطة فقدت شرعيتها كلياً، ولم يبقَ منها إلا القليل في المراكز التنفيذية حيث يسيطرون القرار.
لجان «النقابة تنتفض»
«النقابة تنتفض» أبعد من ائتلاف انتخابي، إنها تجربة رائدة، بنيت على تراكم متين.
شكّل التنظيم السمة الأساس للتجربة: 18 مجموعة مؤسِّسة اتفقت على لجان مختصّة ممثلة لكل المكونات، وتجتمع دورياً لإعداد مهامها.
كانت لجنة المعايير الأكثر تميّزاً على الإطلاق. وقد ارتبط اسم الائتلاف بها في كثير من الأحيان، إما تصويباً على الائتلاف، أو ثناءً عليه. حدّدت اللجنة معايير انتساب المجموعات للائتلاف: وهي أن تكون المجموعة علمانية أو غير طائفية، وغير مرتبطة بالفساد، ولا تعتمد الوراثة السياسية... اعتبر البعض المعايير إقصائية، لكنّها شكّلت قوة الائتلاف.
كذلك حدّدت هذه اللجنة معايير للمرشحين على منصب النقيب وأعضاء مجلس النقابة، من بينها الخبرة في العمل النقابي والسيرة الذاتية والعمل الجماعي... وتوّجت عملية اختيار النقيب بمناظرة علنية، وهي سابقة من حيث الشكل والمضمون بإشراك المهندسات والمهندسين باختيار مرشحهم ضمن معايير وآليات واضحة.
لا تقلّ لجنة البرنامج الانتخابي أهمية من حيث طريقة صياغة البرنامج الانتخابي. وربّما كانت هذه المرة الأولى التي يصاغ فيها البرنامج الانتخابي بإشراك أكبر عدد من المهندسات والمهندسين. فقد جرى استطلاع آراء المهندسين بأكثر من طريقة، ونقلت الآراء للجنة مختصّة عملت على صياغة المسوّدات ثمّ عرضها على المجموعات بغية تعديلها وإقرارها.
للمرّة الأولى أيضاً، توجّه البرنامج الانتخابي نحو البعد الوطني للنقابة وطرح الحلول في القضايا الوطنية من خلال وريقات متخصصة في الكهرباء والمياه والبيئة والتنظيم المدني والبترول وغيرها من قضايا الشأن العام. فكان البرنامج تفصيلياً رائداً أشبه بخريطة طريق لبناء المؤسسات عبر نقابة المهندسين.
من خلال البيانات والبصريات، استطاعت قوة العمل الإعلامي أن تعرّف المهندسات والمهندسين على نقابتهم، وهذا ما انعكس بالأرقام القياسية في الترشح والاقتراع في المرحلة الأولى. وهذا ما كان ليحصل لولا العمل الجبّار الذي قامت به لجنة التواصل والإعلام.
بهدف الوصول إلى أوسع ائتلاف هندسي، عملت لجنة التشبيك والعلاقات إلى الاتصال بكل المجموعات المنتفضة التي تراعي معايير الائتلاف. وأتى عمل لجنة الماكينة الانتخابية المكمل الأساسي للمعركة من خلال الإعداد واستطلاعات الرأي ما قبل المعركة وتنظيم العملية الانتخابية خلال اليوم الانتخابي.
ساهمت كل هذه العوامل، المرتكزة أساساً على التنظيم والتصميم، في الاكتساح الذي جرى، وردّت الأمل للناس بالتغيير وقلب الموازين. أثبتت هذه المعركة أن التصميم والعمل المتواصل المنظّم أساسيّ في أيّ تحرّك جادّ للتغيير. وهذا ما يستوجب متابعة العمل بالشفافية نفسها والوضوح التام الذي مارسناه كائتلاف لحماية هذا الانتصار واستكماله في المرحلة الثانية، في 18 تموز لانتخاب نقيب ومجلس نقابة.
بالعمل الجادّ وحده يمكننا متابعة هذا الانتصار وحمايته من أي تشويش واستثمار. هذا الانتصار صنعته مهندسات 17 تشرين ومهندسوها، ويبقى ضمن وضوح 17 تشرين، وشفافيتها، بعيداً عن أي استثمار سياسي تقليدي.
انتفضنا. فانتصرنا.