قضية الأسبوع طوفان الأقصى
ميغافون ㅤ

أهداف الاحتلال المتهاوية

11 تشرين الثاني 2023

شهر على بدء «طوفان الأقصى» ولا يبدو أن إسرائيل حققت أي هدف غير الاستمرار بإبادة مدنيين في سياق عملية عسكرية ما تزال غامضة المعالم.

عبّر الداعمون الغربيون للحكومة الإسرائيلية عن «قلقهم» حيال مرحلة الـ«ما بعد» وفقدان سلطة الاحتلال لأي تصوّر لكيفية التعاطي مع القطاع، هذا إن نجحت قوات الاحتلال بإحكام سيطرتها عليه أصلًا. لكنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية يدرك أنّه بات شخصيًا في مأزق، ما قد يدفعه إلى تصعيد غير مسبوق.   


وهم «نكبة ثانية» في الأيام الأولى للطوفان

مع بداية العدوان، وفي لحظة دعم مطلق من الحكومات الغربية، صعدت إلى الواجهة أوهام إسرائيلية قديمة عن تهجير جديد لسكّان غزة إلى سيناء. تزامن هذا الهدف غير الرسمي مع دعوات صريحة للقتل والإبادة والتهجير، ما أوحى بأن هدف الحكومة الإسرائيلية بات «نكبة ثانية»، يراد منها الانتهاء من غزة، كمقدمة للانتهاء من القضية الفلسطينية. وهذا ما أكدتّه التوصيات الصادرة عن الاستخبارات الإسرائيلية بعد الطوفان، والتي جاء في إحدى خلاصاتها أنّ تهجير الغزّاويين إلى سيناء خيار أكثر قابلية إلى التنفيذ وسوف يعود بنتائج استراتيجية إيجابية لإسرائيل على المدى الطويل.


من النكبة إلى القضاء على حماس

سنقضي على حماس كما تم القضاء على داعش
— بنيامين نتنياهو، 12 / 10 /2023 

لم تستطع حكومة الاحتلال تبني موقف التهجير، وإن كان عدد كبير من وزرائها يتشاركون هذا الرأي، فأعلنت أن هدف المعركة هو «القضاء على حماس». 
تمكّنت إسرائيل من وضع هذا الهدف على أجندات الأطراف الدوليّة الداعمة لها، رغم بعض التحفّظات الغربية. لكن بعد أيّام على بدء التوغّل البرّي، بدأ يتّضح المأزق الإسرائيلي، وبات واضحًا أنّ هدفاً كهذا يحتاج إلى عمليّات قد يطول أمدها نحو سنة من الزمن. وهذا ما بدأ بالظهور أساسًا من خلال نوعيّة المواجهات التي تعرّضت لها الدبابات الإسرائيلية عند الدخول إلى الأحياء السكنيّة المكتظّة. 


من التخلّص من حماس إلى تفكيكها

سنقضي على جميع قدرات حماس العسكرية ولن ندعها تحكم غزة. 
— بنيامين نتنياهو، 7 / 11 / 2023 

مع مجريات العمليّة البريّة، بدأت إسرائيل بتحديد معنى «التخلّص» والتراجع إلى أهداف قد تبدو أقرب إلى التحقيق. فالتخلّص بات يعني: تفكيك البنية التحتيّة للتنظيم في قطاع غزّة بشكل كامل والتخلّص من حكمه في القطاع. وقد لخّص الاحتلال أهدافه أكثر على لسان وزير الدفاع، يوآف غالانت، إذا قال في 7 تشرين الثاني أنّ يحيى السنوار (رئيس المكتب السياسي في حركة حماس)، هو أحد أهداف الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي على القطاع. 


الوقت ليس في صالح الاحتلال

لكن حتى هذا الموقف الأكثر «تواضعًا» يتطلب وقتًا لا تملكه الحكومة الإسرائيلية.

بدأت إسرائيل خلال الأيّام القليلة الماضية باستنفاد رصيد الدعم الدولي الذي حصلت عليه بعد حصول عمليّة «طوفان الأقصى». ولهذا السبب، بدأ الضغط الدولي يشتد، باتجاه فرض هدنات إنسانيّة متقطعة تبطّئ وتيرة الأعمال الحربيّة، وباتجاه ممرّات آمنة تسمح بتدفّق المساعدات وتنهي حالة الحصار المفروضة على القطاع.

في الوقت نفسه، بدأت تشتد أيضًا مناشدات المنظمات الدوليّة والإنسانيّة المطالبة بوقف إطلاق النار، أي إنهاء حالة الحرب القائمة. أمّا الاحتجاجات في الدول الغربيّة، والتي تسارعت وتيرتها، وتزايُد الاحتقان الشعبي تجاه المجازر في القطاع، فباتت تضغط على الحكومات الغربيّة نفسها باتجاه تقليص دعمها لإسرائيل.

إلى جانب كل هذه العوامل، يدخل على الخط العامل الاقتصادي الذي لن يسمح بدوره باستطالة أمد الحرب لأشهر طويلة من الزمن. وهذا المتغيّر، تتنوّع حساباته ما بين حجم القوّة العاملة التي تم استدعاؤها إلى الاحتياط، والقطاعات الاقتصاديّة المتأثرة بعمليّات الإخلاء في الجنوب والشمال، بالإضافة إلى كلفة الأعمال القتاليّة نفسها، والأضرار التي طالت النشاطات السياحيّة والاستثماريّة.


سباق نتنياهو مع الوقت

يقوم نتنياهو بشراء الوقت وبمحاولة إطالة مدّة العمليّة العسكريّة قدر الإمكان لتحصيل مكاسب ميدانيّة من قبيل السيطرة على بعض المساحات المفتوحة أو ذات الكثافة السكانية المنخفضة. فهو يعلم جيّدًا أن لحظة وقف العمليّات القتاليّة، أو حتّى لحظة تخفيف حجم التعبئة العسكريّة المفروضة، ستكون أيضًا لحظة البدء بالمحاسبة والتحقيق وفتح الملفّات، وربما بداية النهاية لمسيرته السياسيّة، المُهددة أصلًا بملفّات قضائيّة تتربّص به.

فهناك ملف يلاحقه وهو يصعّد عسكريًا، هو ملف الأسرى.

لا يزال الأسرى لدى المقاومة في غزة، وإطلاق عدد منهم جاء نتيجة اتفاقات، وهو ما تسعى الفصائل إلى تكريسه بأنّ لا حلّ إلا بالتفاوض بعد وقف إطلاق النار. لكنّ حكومة الاحتلال ترفض حتى البحث بوقف إطلاق النار. وبات أقصى ما يمكن التوسّط والتوصّل فيه مع آلة القتل الإسرائيلية، طرح إعلان هدنة إنسانية لساعات، يتخلّلها الإفراج عن رهائن، إسرائيليين وأجانب، ودخول مساعدات طبية وربما وقود، لا أكثر. لكنّ نتيناهو يدرك أنّ لحظة وقف إطلاق النار هي لحظة محاسبته على إخفاقات السابع من تشرين وفشله بإدارة ملف الأسرى، هذا إن لم يكن فشله في الحرب بحدّ ذاتها. 


لكنّ تهافُت الأوهام الإسرائيلية أمام وقائع الميدان والاعتراض الشعبي، لا يعني أنّ حكومة الاحتلال لن تصعّد في لحظة جنون للهرب من المأزق الذي ستجد نفسها فيه. لكنّ ما يقف اليوم حاجزًا أمام خيار كهذا، هو تزامن المقاومة العسكرية وصمود أهل غزة والمعارضة الشعبية العالمية. وكما تراهن تلك القوى على عامل الوقت لفرض تراجع إسرئيلي، يراهن الطرف الإسرائيلي على الوقت ذاته لكي تخفت تلك المعارضات، وتطلق يد القتل أكثر.  

آخر الأخبار

طلّابٌ يغادرون حفلات تخرّجهم تضامناً مع فلسطين
إسرائيل واقتصاد العدوان
أساتذة الجامعة الأميركية في بيروت
أهالي إدلب أمام محكمة الجولاني: بدنا كلّ المعتقلين
السناتور غراهام: أعطوا إسرائيل جميع القنابل التي تحتاجها
بلينكن: لا يمكننا حسم انتهاك إسرائيل للقانون الدولي