يا ريت كل السنة رمضان
رمضان جانا ودقّ الباب... رجعلنا تاني بعد غياب
مع شهر رمضان، عاد السفيران السعودي والكويتي إلى بيروت. فكان مشهد الإفطار عامراً بالسنبوسك والرقاقات والتبولة والحمص ومختلف أصناف المازة اللبنانية، بحسب الصور المتداولة لإفطار اليرزة. وكان مشهد الإفطار فائضاً أيضاً بالزعامات السياسية، السابقة واللاحقة، المتردّدة منها والمتحيّنة للفرص.
لماذا يعود سفراء دول الخليج إلى بيروت اليوم؟ لأنّ انتخابات نيابية على مسافة شهر. لأنّ ثمة تعهّدات رسمية لبنانية بضبط تهريب المخدرات إلى الخليج. لأنّ ثمة تأكيداً رسمياً على إنهاء أي نشاط سياسي أو إعلامي مضاد للخليج. لأنّ مفاوضات سعودية إيرانية لا تزال قائمة. لأنّه، ربّما، أدركت القيادات الخليجية أنّ ترك البلد ساحة مباحة لحزب الله ليس مجرّد خطأ تكتيكي. باستطاعة من فهم أساساً سبب الانسحاب الخليجي من لبنان أن يفهم سبب العودة اليوم. لأنّ الربيع حلّ أخيراً بعد أشهر طويلة من العواصف والثلوج والبرد القارس.
لكن لا يهمّ، المهمّ أن لا بديل عن العمق العربي للبنان.
يصفي قلوب كل الأحباب... بالتسامح والإحسان
تصفية القلوب هو عنوان الإفطار الذي دعا إليه أمين عام حزب الله كلاً من سليمان فرنجية وجبران باسيل. تمّ اللقاء، والمطلوب اليوم التسامح والإحسان، ولو أنّ لا مكان للأمرين في الانتخابات النيابية ولوائحها. فالحديث عن تصفية القلوب يعني مرحلة ما بعد الانتخابات، وصولاً إلى استحقاق رئاسة الجمهورية المفترض في تشرين الأول 2022. لذا من المنطقي إذاً أن تستمرّ ولائم حارة حريك في هذا الشهر الفضيل، إذ يُفترض أن تجمع أيضاً الحليفين، باسيل وبرّي. باسيل يحاول إبعاد هذه الكأس عنه في موسم الانتخابات وفي ظلّ استعار الشعارات الانتخابية. لكن إن قرّر حسن نصر الله أن يتمّ الإفطار، سيحصل. ستكون خدمة جيّدة لخصوم باسيل في الدوائر المسيحية. والسيّد معروف بخدماته المجانية التي يقدّمها لحلفائه، كالخدمة التي قدّمها للحلفاء السنّة عام 2009 يوم قال قبل أيام من موعد الانتخابات إنّ 7 أيار كان يوماً مجيداً. افعلها يا سيّد.
لكن لا يهمّ، المهم أن لا بديل عن وحدة صفّ محور المقاومة والممانعة، ولو على حساب الناس وأموالهم وأمنهم ودمائهم وأشلاء دولتهم.
مسحراتي يلفّ يدور... وصوته يسبق خيط النور
ثمة موائد أخرى تنتظر من يلتفت إليها، تحديداً تلك التي يحاول تنظيمها صاحب الفكرة الرائدة بالجمهورية اللبنانية الثالثة، عمر حرفوش. فكان مشهد حرفوش، أشبه بالمشهد السياسي والحزبي الخدماتي الاعتيادي. يجتمع الحشد، ينتظر الحصول على كرتونة أو بون بنزين أو حتى صورة سيلفي مع الزعيم، ويعود أدراجه بمكسبه. وقد لا يتوقّف طموح السيّد المرشّح الأنيق، المهندم، صاحب الطلّة الرشيقة، عن هذا الحد. إذ قد نرى حرفوش في إحدى الليالي الرمضانية ينفخ في زمّور ويصيح يا نايم وحّد الدايم. أو قد يدخل أحد الأزقة حاملاً طبلاً ويصرخ قوموا على سحوركم.. رمضان جايي يزوركم. سيمرّ المسحراتي حرفوش في هذه الشوارع آملاً أن يحصّل مع نهاية الشهر بعض الأصوات الانتخابية لبناء جمهورية ثالثة على أنقاض تلك المهدّمة والمنهارة والمسروقة.
كل هذا لا يهمّ، المهم أنّ بناء الجمهورية الثالثة واجب وطني يستوجب التضحيات والتعب.
يا ريت كل السنة رمضان... هلاله يبان في كل مكان
وفي مشهد رمضاني انتخابي سياسي آخر، مشروع رئيس الحكومة الدائم النائب فؤاد المخزومي. الخيام البيضاء جاهزة، وكذلك الجيش الخدماتي الذي جاءه الموسم حافلاً هذا العام. ماكينة واحدة في الجيش المخزومي، تدير العملية الانتخابية والعمليات الإفطارية وتوزيع الوجبات. فالمعركة أساساً واحدة، معركة «بيروت بدها قلب». المهمة التي يخوضها الرجل اليوم سهلة، بسهولة الانتقال من شعار «لبنان حرزان» إلى «بيروت بدها قلب». بسهولة إنتاج مقابلة على الثلج في الأرز، أو تصوير أخرى في مرج القاع، وإعداد ثالثة إلى جانب مدير إحدى الجامعات الأميركية أو بين الناس في الصيفي قبل أن يدمّرها انفجار المرفأ. يلعب بالسهولة نفسها في اللعب على حبل حزب الله وخارجه، في مخاصمة تيار المستقبل وتبنّي مواقفه. هذا بديل، أحد البدلاء المعروضين على البيروتيين والبيروتيات في انتخابات أيار، وعلى اللبنانيين عموماً في حكومات ما بعد الانتخابات.
المهمّ أنّ البديل موجود، هنا أو هناك أو في جعبة شربل، لا يهمّ. فكان الله بعونهم وعوننا.
رمضان… رمضان، يردّد الكورس.