قضية الأسبوع سوريا
ميغافون ㅤ

تفجير كنيسة مار الياس

إرهاب وتطييف وتقاعس

28 حزيران 2025

تفجير مؤسِّس

25 شهيداً قتلهم الإرهاب والتقصير الحكومي في دمشق. 
أثناء صلاة يوم الأحد، فجّر إرهابيٌّ نفسه بين المصلّين في كنيسة مار الياس في حيّ الدويلعة، فتلطّخت جدران الكنيسة بالدم ولم يعد المصلّون إلى أحبّائهم. في التعليق الرسميّ الأوّل لوزارة الداخليّة السوريّة، نسبت الحكومة التفجير لتنظيم «داعش»، من دون أن يتبنّاه الأخير. عادت سرايا «أنصار السنّة» لتتبنّى التفجير، وهي إحدى الفصائل التي كفّرت حكومة الشرع لـ«تساهلها» مع الأقلّيات.
يختلف هذا التفجير عن الجرائم السابقة بحقّ الأقليّات، كمجازر العلويّين في الساحل السوريّ والاشتباكات الطائفيّة في المناطق الدرزيّة في سوريا، إذ ثَبُت تورّط الفصائل التابعة للحكومة في هذه الانتهاكات، رغم محاولة نسبها لـ«عناصر غير منضبطة». أمّا تفجير الكنيسة، فنفّذه الإرهاب الذي لم يستطع أن يضمّه أحمد الشرع لمؤسسات الحكومة، فانقلب ضدّه. 

بهذا المعنى، يمثّل هذا التفجير فشل دولة الشرع- بأعنف الطرق- بالاعتراف بوجود الإرهاب الذي نمّاه التفلّت الأمني والنزعة الانتقاميّة، كما يعزّز مسار تطييف كان قد عزّزه القمع الأسدي. فالتفجير نقطة تحوّل قد تفتح المجال أمام أفق خطِر. 

موقف الحكومة السوريّة

الحكومة مجدّداً لم تعترف بوجود هذا الإرهاب، فاعتبرت تنظيم أنصار السنّة «وهميّاً» وتمسّكت برواية تنظيم داعش. وكأنّها تقول نحن لم نساهم بخلق هذا الجو، لم نتغاضَ عن كلّ الاعتداءات الطائفية ونفسح المجال لهذا الإرهاب بأن يفجّر نفسه بين المدنيّين. فضّلت الحكومة أن تستعرض عضلاتها بتعديد إنجازاتها بضبط الأمن والأمان بعد فوات الأوان، وتنصّلت من أي اعترافٍ بتقصيرها في حماية جميع السوريّين. يرسّخ هذا التفجير حكم أحمد الشرع القائم على الهيمنة السنيّة التي تدّعي محاولة نبذ التطرّف، من دون أن تنجح بذلك. اتّضح هذا التوجّه من خلال تعاطي الحكومة مع التفجير. لم يحضر الشرع أي مراسم تشييع أو صلاة لأرواح الشهداء، اكتفى باتصالٍ هاتفي من دون أن يكلّف وفوداً رسميّة بتعزيةٍ تليق بدم الشهداء. في بيانه الأوّل، لم يُسمِّ الكنيسة أو حتى المسيحيين. لم تحضر إلى موقع التفجير سوى الوزيرة هند قبوات، وهي الوزيرة المسيحية الوحيدة في الحكومة، ليكرّر الشرع مبدأ مندوبي الطوائف والأقلّيات، مقابل محافظته على صدر البلد للأكثرية.

موقف الكنيسة وابتكار الجماعة

كان موقف البطريرك يوحنا العاشر يازجي بمثابة المواجهة الأولى الرسميّة بين الحكومة والطائفة المسيحيّة. حمّل اليازجي حكومة الشرع مسؤولية التفجير، وأعلن الحداد عليها، ورفض أن يتباكى أحدٌ على رعيّته. صاغ اليازجي خطاباً باسم جماعته، وحاور الدولة باسم المسيحيّين، بعدما كان ذلك غائباً منذ سقوط النظام، إذ لم يقم الشرع بالزيارة البروتوكوليّة التي يقوم بها الرؤساء السوريّون للبطريركية.

اعتبر المطارنة التفجير استمراراً لسياسة التهاون مع ما تسمّيه الحكومة «الأحداث الفرديّة» التي باتت تنفَّذ بطريقةٍ ممنهجة وممأسسة. أنّبت الكنيسة الشرع على امتناعه عن قول «كلمةٍ شافية» للبيوت المسيحيّة التي حان دورها كي تذوق الخوف بعد غيرها من الأقليات. أثبت تعاطي الشرع مع هذا التفجير أنّه فعلاً لا يخاطب جميع السوريّين، بل يخاطب جزءاً ويحكم الأجزاء الأخرى بالعنف.


نجحت دولة الشرع بترسيخ تطييف الشعب السوريّ، عبر التغاضي عن المجازر التي تُقصي الأقلّيات، أو المشاركة بها حتّى. طبّع الشرع العنف كأداةٍ للتفاوض وكآليةٍ لترهيب الأقليات وكحجر الأساس لدولته السنيّة الكريمة. رسّخت سياساته هيمنة التطرّف السنّي على الخطاب العام وتبرير أي عنف ضدّ مكوّنات الشعب السوري الأخرى، من باب «أين كنتم عندما قاتلنا الأسد؟». بعد موقف الكنيسة، تداول «ناشطو الثورة» الذين يحومون في فلك الشرع صوراً لليازجي مع بشار الأسد، وصوراً لاستهداف جيش الأسد للكنائس. وكأنَّ جرائم الأسد تبرّر جرائم الشرع، وكأنَّ قاعدة الشرع الشعبيّة لا تحلّل التضامن مع الأقليات إذا ما تطاولوا على سيادته، وكأنّه اعترافٌ منهم بأنه مذنب  فعلاً.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
للمرّة الأولى منذ وقف إطلاق النارعمليات ميدانيّة إسرائيليّة في جنوب لبنان
نتنياهو بعد لقائه ترامب: أمامنا فرصٌ لتوسيع اتفاقيات أبراهام
سعيّد يستكمل انقلابه على الديمقراطية  أحكام تصل إلى 35 عاماً في قضية «التآمر»
نعيم قاسم وتوم بارّاك: حوار عبر الشاشة
هشام عيتاني: بطل فضيحة الكازينو فارّ من التحقيق
09-07-2025
تقرير
هشام عيتاني: بطل فضيحة الكازينو فارّ من التحقيق
ريف اللاذقيّة
08-07-2025
تقرير
ريف اللاذقيّة
6 أيّام من رماد