تعليق مصر
رشا عزب

غزّة وصراع المقاولين والسماسرة

«عن أرض سمرا وضفّة، عن شركات رابحة ونكبة»

20 شباط 2025

حملني صوتها إلى شمال سيناء ورفح لأوّل مرة، صار موسيقى تصويرية للحظة انطلاقنا إلى هناك، لم نعد نذهب منذ سنوات، بينما ظلَّ صوتها عالقاً في اللحظة، مهجوراً مثل ساحة ووحيداً مثل ظلّ شجرة سَنط على الطريق.
كانت تجلس في الكراسي الأمامية في الأتوبيس المنطلق بنا إلى معبر رفح، طالبها الأصدقاء بالغناء مراراً، لكنّها لم تفعل إلا حينما خفتت الأصوات في الأتوبيس، وهدأت الأحاديث الساخنة وصارت همهمات. كنّا قد عبرنا الإسماعيلية، وصرنا أقرب لرؤية خط القنال والأفق الواسع من خلفه، بدت اللحظة مناسبة، الكل ينظر لشطّ القنال، وإذ ينطلق صوت محسنة توفيق: عن أرض سمرا وقمرا، وضفّة ونهر ومراكب، رفاق مسيرة عسيرة وصورة حشد ومواكب، وعيون صبية بهية، عليها الكلمة و المعنى، وينطلق الأتوبيس خلفها بصرخة واحدة: مصر يا أمة يا بهية…

يتحوّل الأتوبيس على بوابة الدخول لشمال سيناء إلى كتلة من الحماسة والانشراح. أسرتني هذه اللحظة للأبد. كنت في السنة الأولى للجامعة، لم أكن قد حفظت هذه الأغنية التي اتّخذت شكل تعويذة مركبة التكوين واستمرّ تأثيرها للعديد من الأجيال، كلمات نجم وألحان الشيخ إمام تتصدّر فيلماً ممنوعاً من العرض في مصر ليوسف شاهين مع بداية السبعينات، كان فيلم «العصفور» واحداً من الإبداعات الخاصّة لمرحلة المواجهة المباشرة لأزمات المجتمع المصري التي أدّت لهزيمة 67، ومن أكبر الشواهد الفنية على مقاومة الفنانين والشعراء والكتّاب للقرارات الاستبدادية للرئيس السادات. كان «العصفور» انطلاقة فنية جديدة لمخرج نُفِي من وطنه بسبب الاستبداد وعاد على صوت الشعراء والفنانين المشاغبين، صوت محسنة توفيق يغمر الفيلم، تقدّم الأغنية التعويذة بأشكال متعدّدة، فائقة الجمال، عبرت بنا هذه الاغنية شطّ القنال إلى سيناء ومعبر رفح.

 الحدود المصرية - الفلسطينية، في العام 2012 إثر عبور آخر قافلة شعبية. الصورة لجيجي ابراهيم
 الحدود المصرية - الفلسطينية، في العام 2012 إثر عبور آخر قافلة شعبية. الصورة لجيجي ابراهيم

في لحظات الهزيمة، مثل التي نعيشها جميعاً ونحن نشاهد وقائع الإبادة الجماعية لأهلنا في غزّة، من البديهي أن يُطرَح سؤال: ماذا يمكن أن تقدّم مصر؟ خلفنا الدور التاريخي وأمامنا الجغرافيا الأبدية، لدينا الطاقة البشرية، بلد المائة مليون هل يحاول إنقاذ مدينة الـ2 مليون؟ الساسة من موالاة النظام يتسابقون على التغنّي بالتاريخ الذي لم يصنعوه، لأنّ حاضر مَن يدافعون عنه مروّع ومُحبِط وقد أضعف الدور المصري بحيث صارت أغلب أوراق الضغط على الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في يد السعودية والإمارات وقطر، أمّا المعارضة المهندَسة في مصر، فهي تناشد وتطلب وتتساءل على استحياء: هل ما تفعله مصر منذ بداية هذه النكبة الكبيرة، مساوٍ لحجم التهديد الذي تتعرّض له البلاد على الحدود بعد خروج معبر رفح من الخدمة من أيار/ مايو 2024 واحتلال الصهاينة محور فلادلفيا— في انتهاكٍ واضحٍ لمعاهدةٍ طالبت المعارضة كثيراً لإلغائها وها هي الآن تتسوّل لتنفيذ بنودها؟ هل ما قمنا ونقوم به مساوٍ لحجم التصفية التي تتعرّض لها القضية الفلسطينية برمّتها؟ 

بالطبع لا، نحن جميعاً في لحظة غرق، وإدراك مستوى القاع ربّما يفيد لمحاولة الخروج.


الوطنيّة الاستثماريّة 

باع نظام مبارك الغاز للصهاينة وكان أوّل من دشّن نوعاً لقيطاً من الوطنية، وهي الوطنية الاستثمارية: نحن نبيع ونشتري مع الصهاينة لأهداف وطنية! رسّخ نظام مبارك الفكرة وكان أوّل مَن بدأ العلاقات التجارية الاستراتيجية مع الكيان الصهيوني، عندما سهّل لصديقه حسين سالم عملية بيع الغاز المصري الفائض حينها، وها نحن نحصد ما غرسه مبارك وقد تحوّلت مصر إلى مستورد كبير لغاز الصهاينة، بل إن فترة حرب الإبادة شهدت زيادة في صادرات الصهاينة لمصر من الغاز! بالمصري، وكما نقول في الشارع: بقينا تحت ضرسهم.

ولكن رغم كل خراب مبارك، إلا أنّه كان يدرك أهمية أن يبقى باب غزة مفتوحاً بأشكال مختلفة، بينما هو ونظامه يؤسّسان الوطنية الاستثمارية. كانت هناك فرق أخرى، ترى أن استخدام ورقة الضغط الشعبي لرفض ممارسات الصهاينة الإجرامية، يصبّ في مصالحهم في النهاية، لأنه يمنع البلاد من الانبطاح الكامل أمام السياسات الأميركية كما يحدث الآن ونراه في كل تفاصيل هذه الفترة المشؤومة.
الآن يتحدّث ترامب بطريقة أقرب للإهانة وإعطاء الأوامر للملك والجنرال كما وصفهم، لأنه يدرك تماماً حجم ما تملكه هذه السلطة، ويدرك أيضاً حقيقة الشوارع التي تم إخلاؤها بالقوّة من الشعب. كاد ترامب أن يقولها: إنّي أرى الملك عارياً!

كانت القوافل الدولية تصل إلى معبر رفح  بشكل اعتيادي، على مدار السنين وبعد تنفيذ اتفاقية المعابر وانسحاب الكيان الصهيوني من غزة عام 2005، وكذلك قوافل اللجنة الشعبية في مصر التي بدأت في تنظيم صفوفها بعد الانتفاضة الثانية، وصارت تُرسل القوافل منذ عام 2000 وحتى 2014. ومنذ حرب الإبادة على غزة، نجحت اللجنة في إدخال 3 قوافل معونات، تذهب القافلة وحدها بعدما كانت تذهب في موكب شعبي لأن النظام يمنع ذلك بقوّة ويحاصر نشاط اللجنة.

في السابق، كانت أقلّ قافلة للجنة الشعبية تضمّ عشرة أتوبيسات، قرابة 500 من المتضامنين من المحافظات المختلفة، لحماية سرب سيارات المساعدات من الأغذية والمستلزمات الرئيسية التي كنّا نجمعها من فئات الشعب المصري كافة، لأهل غزة المحاصرة. وكان يتم التنسيق لاستلامها، جهات أهلية ومدنية فلسطينية في الداخل لا تتبع أيّاً من الفصائل السياسية المتعاركة. كانت تكلفة رحلة القوافل تتمّ بنظام الاكتتاب، لعمل ميزانية من مساهمات المتضامنين، لدفع أجرة الأوتوبيسات. كبارنا يعفون الطلبة أمثالي حينها من دفع أيّ أعباء أكبر من طاقتنا، وحين نصل العريش، نشتري احتياجاتنا من الطعام والشراب لنتوجّه إلى منطقة معبر رفح التي كانت في الخلاء بلا أي مرافق. نفرش على أسفلت المعبر أو نحتمي بزاوية الجامع الوحيد في نهاية اليوم، حتّى يتم السماح بدخول قافلة المساعدات. كان القلب بجوار القلب، وكان الوصل لا ينقطع رغم وجود سماسرة وتجّار ومتربّحين ونظام سياسي خائر منهار داخلياً. لكنّه وعلى خواره وفساده، كان يدرك أهمّية دعم الشعب المحاصَر حتى لا تنفجر القنبلة في وجوهنا أوّلاً. الأن، يمنع النظام الشعب الحقيقي من التضامن مع غزة، يخاف من المواطن غير المأجور! هذا النظام لم يتعرّف بعد على المواطن الحقيقي!

هذا النظام، منذ أن جاء للحكم، يتحرّك من خلال المواطن المأجور الذي تُصرَف له التعليمات من «شركة المتّحدة» كما يحدث مع الفنانين الذين يُزَجّ بهم للذهاب لمعبر رفح، أو من خلال أحزاب موالاة السلطة التي تستخدم المواطن المُجَوّع والمحتاج لحفنة من الجنيهات مقابل المهمّة الموكلة. الانتخابات مرّة، الحرب مرّة، حسب اللحظة. يذهبون بأوتوبيسات مدفوعة سلفاً، لساعات محدّدة طبقاً للجدول، يلتقطون الصورة المطلوبة، يدعمون الرئيس إجبارياً مع دعم غزة، ويعودون أدراجهم في المساء مثلهم مثل باقي الفنّانين المحتجزين لأداء أدوار أمام الكاميرا! 
ولا أتصوّر أنّ العالم يأخذنا بجدّية، عندما يرى الحشود المأجورة تغضب بالأمر المباشر، وتختفي من المعبر بالأمر المباشر، فلا يمكن لنظام سياسي مهما بلغ من القوة، أن يحلّ محلّ الشعب، محلّ الضمير، خاصّةً في قضايا مصيرية مثل محاولة تصفية الوجود الفلسطيني في غزة. 


التحوّل الكبير: القضيّة والتجارة

عملت كمراسلة لجريدتي طوال 6 سنوات لتغطية الكثير من الأحداث في العريش ورفح، ذهبت إلى غزة مرّات ثلاثاً، في أوقات وحروب مختلفة، ولما تولّيت قسم التحقيقات، حاولت تثبيت مراسل مقيم أيضاً. كانت سيناء من أقلّ المناطق حظّاً في التغطية رغم أهميتها، ولكن نظراً لحساسية موقعها وتعدّد الأجهزة الأمنية المتحكّمة فيها، كان المراسلون يتردّدون في تغطية أحداثها، لكن هذه التغطية الضعيفة، صارت منعدمة تقريباً منذ العام 2014، وعزلت سيناء تماماً عن وعي الجمهور العام وعزلت قضايا سكّانها عن قضايا سكّان باقي القطر بحجّة حرب الدولة على الإرهاب. لسنوات، ظلّت سيناء خارج التغطية، ولكن حتّى بعد إعلان الدولة الانتهاء من معركة الإرهاب، ظلّ شمال سيناء حبيساً، وظلّ سكانه يعانون التهجير القسري والتعسّف حتى الآن.

 سيناء، مصر، في العام 2012، جموع من القاهرة وباقي المحافظات ترافق قافلة شعبية إلى غزّة. الصورة لجيجي ابراهيم

ولكن كلّ مَن عمل في تغطية أحداث شمال سيناء، يعرف قصّة أبناء سيناء، وقصّة سالم لافي وابراهيم العرجاني ومواجهتهما مع النظام، وقصّة سجنهما وقتل شقيق العرجاني، ثم نهاية سالم لافي أثناء المعركة على الدواعش، ليصعد صديقه العرجاني على سلالم السلطة الجديدة منذ 2013 ويصل إلى التحكّم في حركة التجارة في معبر رفح. 

منذ سنوات، حتّى قبل الحرب التي كشفته للعوام، كانت شركات العرجاني تتحكّم في إدخال البضائع وتوفّر طرقاً للتجارة، ومع تعاظم حرب الإبادة، تحكّمت شركته «هلا» في مصير الآلاف من سكّان القطاع، ووصل سعر خروج الشخص إلى 5 آلاف دولار، وكانت فضائح التنسيقيات على عينك يا تاجر تحت وطأة الحرب.

لم يتورّع العرجاني في الحديث عن طبيعة الخدمات التي تقدّمها شركته في حواره مع «نيورك تايمز»، ولكن ما يهمّني هو هذا الجزء بالذات، عندما قال: إنّ دوره في شركة «هلا» محدود، وإنه مجرّد مساهم ضمن العديد من المساهمين. أنا أساعد [الخارجين من غزّة] فقط عندما يريدون استخدام الخدمات الراقية، كتناول وجبة إفطار ثم التوجّه إلى القاهرة بسيارة بي. إم. دبليو جميلة، للحصول على استراحة، ثمّ المغادرة إلى وجهتهم، مضيفاً: دورنا هو تقديم أفضل خدمة ممكنة، هذا كل شيء.

يبدو الكلام مستفزّاً لكنّه يعبّر عن أحلام التاجر الصاعد. نشير هنا إلى طبيعة الدور المنوط بالعرجاني، وهو تقديم خدمات مقابل مبالغ كبيرة لشعب محاصر جائع يهرب من الحرب ويريد خدمات راقية!

رجل أعمال آخر، يملك سيرة لا يمكن حتى لقرارات العفو الرئاسي تنظيفها، عرض على ترامب الاستثمار في السواحل المصرية بديلاً لسواحل غزة، وأن يحذو حذو دولة الإمارات التي اشترت ساحلاً مصرياً مميزاً، وبسبب الاستثمار الآتي، تمّ تفريغ المنطقة من سكّانها وأصحابها المصريين.
كأنّه يكاد يقول له: الفلسطينيون لديهم مشكلات في بيع أراضيهم، تعالوا إلينا، نحن نبيع، عااادي! 

تتلاقى أهداف العرجاني مع أهداف زميله رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى (العائد من السجون بعد إدانته بجريمة قتل)، والذي وعد بإعادة إعمار غزة على طريقة مشروعاته الرابحة في مصر. يتلاقى منطق كلّ من العرجاني وطلعت مصطفى مع منطق المقاول الكبير لهذا الكوكب، الرئيس ترامب الذي يرى في غزّة، منطقة جذب سياحي واستثماري.

إذن، الفكرة الأساسية هي تفريغ أرض غزة من المقاومة الفلسطينية وإزالة مصادر القلق للمشروع الصهيوني.
يريد ترامب إحياء مشروعه القديم في صفقة القرن، ويريد إنهاء الوجود الفلسطيني في غزّة والضفّة، بحيث لا يتبقّى من فلسطين إلا شتاتها، ولا يبقى فلسطينيٌّ فوق أرضه. الخطة الأميركية واضحة ومفهومة تماماً، وهكذا تتحرك الرأسمالية لتنقذ الصهيونية المأزومة في غزة. ولكن، ما هو دورنا نحن، هنا، بجوار هذا الباب الوحيد لغزّة على العالم؟

القافلة الشعبية المصرية في معبر رفح، 2012. الصورة لجيجي ابراهيم

يبدو في هذه اللحظة، أنّ صراع الشركات الاستثمارية على غزّة غير مسبوق، كما يبدو أنّ ما فعله النظام المصري على مدار عقد من الزمن في كل ثروات البلاد، وتحويل الخدمات الأساسية لحياة المصريين إلى شركات استثمارية رابحة، هو نفس الاتجاه في التعامل مع أزمات معبر رفح المتتالية. ولا نتوقّع من هذا المسار أي محصّلة مبشِّرة، لأنّ النتيجة الداخلية كما رأينا وببساطة: مصر تُقاد نحو مزيد من الديون لتغطية الاقتراض المستدام ومزيد من الانبطاح في عدد من الملفّات الخارجية للتغطية على الفشل في إدارة الموارد وعلى احتياج مصر لكلّ أعدائها.

الخطر، أنّ النظام يتّجه بالسياسات نفسها من الداخل إلى الحدود. مثلما باع جزيرتَيْن للسعودية، باع شواطئ رأس الحكمة للإمارات، وكذلك عدداً من الشركات الاستراتيجية الرابحة في مصر. وهكذا يتمّ التعامل مع باب مصر مع غزةّ: كم ستدفع لتمرّ، كم ستدفع لتحيا على أرضك، كم ستدفع كي نُدخل بضائع تنقذك من الجوع والهلاك؟

نحتاج فقط أن تتخلّى مصر عن دور السمسار/ المقاول/ الوسيط الضعيف الذي طغى على دورها التاريخي والسياسي والإنساني في التعامل مع النكبة الحالية. لن تنقذ الشركات الأوطان والأرض التي صمد أهلها لأقصى الحدود. هذه ليست فرصة للاستثمار. لن تجني غزّة من مجرم أميركا أو من مجرمينا المحليّين من رجال الأعمال إلا خسارات فادحة.

نحتاج أن يعود سكّان رفح المصرية لأرضهم، لأنّهم الضمانة الوحيدة للأمن القومي المصري على الحدود، أهل رفح الذين رأيناهم مستيقظين في السادسة صباحاً، واقفين على شرفات منازلهم يلوحون بالنصر والمحبة للعائدين من قافلة التضامن الشعبي مع غزة في 2012. اجتمع المصريون على نصرة غزّة مراراً، وأعتقد أنّنا مستعدّون لتكرار ذلك رغم وجود عشرات من الشباب المصريين في المعتقلات من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 وحتّى الآن بتهمة التضامن مع فلسطين.

نريد أن تُفتَح الطرقات من القاهرة لشمال سيناء أمام القوافل المصرية الشعبية والإغاثية، كما كان يحدث. وأن يشكّل التحرّك الشعبي نقطةً فاصلةً في الصراع بعدما تمّ استبعاده لأسباب عقابية، بعد وصول إحدى مظاهرات الأزهر إلى التحرير. فالنظام المصري يخشى خروج المصريين بشكل عفوي إلى الشوارع، ولذلك تم استبعاد ما يزيد عن مائة مليون مواطن من معركة بهذا الحجم.

قافلة مساعدات شعبية تعبر من مصر إلى غزّة، ممّا قبل ثورة يناير. الصورة لعادل واسيلي

نريد أن تستدعي مصر كلّ القوى المدنية والشعبية الرافضة للحرب حول العالم، والمهتمّة بحقّ بدعم غزة وإعمارها بعيداً عن الشركات الاحتكارية وحسابات المكسب والخسارة، وذلك بدلاً من محاولات الاصطفاف الوهميّة التي يجريها النظام مع حلفائه المأجورين. نريد أن تتحوّل رفح المصريّة إلى ملتقى دولي واسع لكلّ أصحاب الضمائر في أوروبا وأميركا ودول الجنوب العالمي، والذين لطالما نظّموا قوافل دولية متعدّدة بعد حصار القطاع، واستطاع العديد منهم توصيل المساعدات لغزة، فهناك تاريخ طويل لهذا المعبر مع القوافل الدولية.

نريد أن يدخل الصحافيون للتغطية بعد عام ونصف من عزل غزّة عن الصحافة العالمية. هناك آلاف من بلادنا، يودّون لو ذهبوا بإرادتهم لمساعدة المنظمات الإغاثية. لا أعتقد أنّنا نرفض أن نتحوّل لدروع بشرية لحماية فتح هذا المعبر لدخول المساعدات ووقف خطة التجويع المخيفة. أتصوّر شعبي يملأ الطريق من الشيخ زويد لرفح ويسدّ عين الشمس وعين الصهاينة عن كل أطماعهم. لكننا هنا، محشورون في المدن المهزومة. لا تقوى الجموع على التعبير عن حسرتها أو غضبها ممّا يحدث. النظام يخاف من أصواتنا أكثر ممّا يخاف من عدوّ استيطاني على الحدود. لا بدّ أن يعود دور مصر لتبقى غزّة غير وحيدة، غير مخذولة.

كلّ هذه الأوراق في يد بلادنا إن أرادت وقف التهجير والإبادة بشكل فعّال. عدا ذلك، نحن أمام هوّة، نراها جميعاً ونمشي إليها ببطء.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
ملف التأمين ووزارة الاقتصاد إلى القضاء
ميلي يهدي ماسك منشاراً للبيروقراطية
القصف الإسرائيلي على قطاع غزّة أضاع رفات شيري بيباس
الإفراج عن معارضين تونسيّين بعد ضغوطات خارجيّة
غارات إسرائيلية على الحدود اللبنانية السوريّة 
تعليق

الاحتلال الإسرائيلي والابتزاز التطبيعي

زياد ماجد