تعليق طوفان الأقصى
ميغافون ㅤ

ضربات إيرانيّة على ثلاث جبهات

20 كانون الثاني 2024

انتقام إيراني على ثلاث جبهات

خلال فترة لم تتجاوز 24 ساعة، استهدفت إيران بصواريخها البالستيّة ثلاث دول، هي باكستان والعراق وسوريا. 

في الشكل، بدا أن الضربات المتزامنة على أراضي الدول الثلاث تعكس تناميًا كبيراً في قوّة إيران الإقليميّة، خصوصاً وأنّ النظام الإيراني وضع هذه الضربات في سياق استهداف ثلاثة خصوم مختلفين على ثلاث جبهات في الوقت عينه:

  • وضع بيان الحرس الثوري الضربات على إقليم كردستان العراق في إطار استهداف مراكز تجسّس للموساد الإسرائيلي، رداً على استهداف إسرائيل لقادة الحرس الثوري الإيراني وجبهة المقاومة.
  • أمّا ضرب منطقة إدلب في سوريا، فوضعها الحرس الثوري في سياق استهداف ما يسميهم بـ«المجموعات التكفيريّة»، رداً على تفجيرات كرمان التي استهدفت إحياء ذكرى مقتل قاسم سليماني.
  • أمّا الهجمات الأكثر جرأة، والتي طالت الأراضي الباكستانيّة، فمثّلت، بحسب الخارجيّة إيرانيّة، محاسبة لمن تعرضوا لأمن إيران القومي، في إشارة إلى تنظيم «جيش العدل» المتمركز في الأراضي الباكستانيّة، والذي يعمل لفصل سيستان وبلوشستان عن إيران.

يوحي فتح الجبهات المتعدّدة بأنّ إيران باتت القوّة الإقليميّة الأكثر تأثيراً، وهو ما حرص إعلام إيران وحلفائها على استعراضه بشكل مكثّف خلال الأيام الماضية. وثمّة من اعتبر أن استهداف مدينة إدلب، وإن لم يضرب أهدافاً إسرائيليّة مباشرة، فهو يحمل في طيّاته رسائل غير مباشرة لإسرائيل، لجهة إظهار المدى الفعّال للصواريخ الباليستيّة الإيرانيّة، وقدرتها التدميريّة.


ضربة العراق والشكوك في طبيعة الهدف

غير أنّ بعض ردود الفعل على الاستهدافات الإيرانيّة يطرح أسئلة جديّة، بل وشكوكاً كبيرة، في الروايات التي يقدمها الحرس الثوري الإيراني. وهذا ما يطعن في الرسائل السياسيّة التي تقدمها إيران من هذه الضربات. 

فعلى سبيل المثال، هل ضربت إيران بالفعل مراكز للموساد الإسرائيلي في كردستان العراق؟ 

  • حتّى هذه اللحظة، ما زال العراق ينفي على لسان مسؤوليه الأمنيين والحكوميين أن يكون المنزل المستهدف في كردستان، والعائد لأحد رجال الأعمال المحليين، يمثّل مركزاً تجسسياً للموساد الإسرائيلي. مع الإشارة إلى أنّ الحكومة العراقيّة تصرّفت مع الاستهداف كعمل عدواني خطير، ما دفعها إلى تقديم شكوى ضد إيران لدى مجلس الأمن، بعد استدعاء السفير الإيراني في بغداد استنكاراً للاستهداف.
  • ما يهمّ في هذه التطوّرات، هو أن الحكومة العراقيّة التي طعنت في الرواية الإيرانيّة ورفضتها، لا تُعتبر طرفاً مناهضاً للنفوذ الإيراني في المنطقة. بل على العكس تماماً، تُعتبر حكومة محمد شياع السوداني وليدة تحالف «قوى الإطار التنسيقي»، القوّة الأولى في البرلمان العراقي التي جمعت حلفاء إيران العراقيين الشيعة. بصورة أوضح، لم ينطلق النفي العراقي للرواية الإيرانيّة من تماهٍ أو تواطؤ مع الخصوم الذين استهدفهم الحرس الثوري في العراق.
  • لكن النقطة الأهم، هي أن إيران تملك أساساً قنوات التواصل التي تحتاجها مع القوى الأمنيّة العراقيّة والحشد الشعبي. بل أكثر من ذلك، هي تملك تأثيرها الكبير على هذه القوى. ولو كان الهدف الفعلي هو تصفية خلايا الموساد التجسّسيّة الموجودة في العراق، كما هو معلن، لكان من الممكن تحقيق ذلك بأدوات أنجح وأكثر فعاليّة، بالتنسيق مع العراقيين أنفسهم. وطبعاً، كان من الممكن أن تتحاشى طهران بذلك الإحراج الذي سببته لحلفائها في الحشد الشعبي و«قوى الإطار التنسيقي».

لذلك، ثمّة ما يدفع للاعتقاد بأن هذا الجانب من الهجمة المباغتة الإيرانيّة يحمل أهداف أخرى، غير التعامل المباشر مع الموساد الإسرائيلي. وقد ترتبط هذه الأهداف، بخلاف ما هو معلن، بحفظ ماء الوجه أمام الشارعين الإسلامي والإيراني، إزاء الضربة التي تلقاها الحرس الثوري في سوريا باغتيال قائده الكبير رضا موسوي، بالإضافة إلى توجيه تهديد إلى أي خصم في الداخل العربي. وقد تعوّض هذه الضربة على هدف إسرائيلي مزعوم، عن الرد المباشر الذي يورّط طهران في اشتباك مباشر مع الإسرائيليين.


إيران في ظلّ اشتعال المنطقة

لم تطلب إيران من حلفائها في العراق التحرّك لضرب «مجموعات تكفيرية» على الأراضي العراقية، كما أنها لم تطلب من حليفها النظام السوري القيام بالمهمّة نفسها في إدلب. وفي السياق نفسه، خرج وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان لتبرير الضربات الإيرانية في الداخل الباكستاني، مشيراً إلى تعاون سابق ومستمرّ بين البلدين لمواجهة «مخاطر» مشتركة. أي ببساطة، كان بإمكان إيران أيضاً التنسيق مع القوّات الباكستانية لتنفيذ العملية المطلوبة على أراضيها. 

إيران لن تفعل ذلك وذهبت إلى الفعل المباشر خارج حدودها. 

يعود ذلك الأمر إلى مجموعة من الرسائل التي تريد طهران إرسالها إلى مختلف اللاعبين الإقليميين والدوليين. ومنها، الرسالة القديمة الجديدة وهي أنّ إيران قادرة على زعزعة الأمن في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، ليس فقط على حدود إسرائيل ولا في البحر الأحمر. وأنها أيضاً قادرة على اللعب بالأمن الإقليمي خارج الشرق الأوسط، شرقاً باتجاه آسيا، للضغط أكثر على مختلف اللاعبين وإجبارهم على التفاوض معها لإرساء الأمن والاستقرار، إلى جانب التسويات السياسية المطلوبة. 

لكنّ هذه الضربات تأتي أيضًا في سياق الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي باتت تمتّد بأشكال مختلفة إلى سائر المنطقة. فرغم المحافظة على هدوء الجبهات المباشرة مع إسرائيل، بات العنف وإعادة خلط الأوراق يمتدّ إقليميًا، ما ينذر بمرحلةٍ مقبلةٍ من التخبّط. 

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
الاتحاد الأوروبي: قرار المحكمة الجنائية مُلزِم لكلّ دول الاتحاد
مقتل باحث إسرائيلي كان يبحث عن «أرض إسرائيل» في جنوب لبنان
قتيل بصواريخ حزب الله على نهاريا 
 أعنف هجوم إسرائيلي على الأراضي السورية أكثر من 68 قتيلاً في غارات تدمُر