فكشن
سلسلة
الزاوية
عمر ليزا وكارن كيروز

بطل السلم وبطل الحرب

11 أيار 2025

شاي تقيل وقرفة. فرنش برس. تركي. دبل اسبريسو. لاتيه. شاي أخضر. أميركاني.
سبعة زبائن كلَّ صباح. أتعرّف عليهم يوماً بعد يوم، طلباً تلو طلبٍ، وموقفاً تلو موقفٍ. وهذه هي القصّة الثالثة من «الزاوية»، مقهًى ما زال قيد الافتتاح.


واحد قهوة

دخل علينا في اليوم الرابع من افتتاح المقهى، وبكلّ سذاجة توسّط المحلّ وطلب «واحد قهوة».
هيك؟ واحد قهوة؟
- واحد قهوة تركي قصدك؟
- ايه شو معقول يكون قصدي؟ صباحو.

صباحو بالفعل. صباحٌ لا يبشّر بالخير.
اقترَب من البار، سحب كرسياً عالياً، وجلس أمامي.
- هيّ قهوة تركية بس إنّو قهوة عادية عنّا عرفت؟

أجبتُه بتهكّم: ايه عرفت… قلّن انّك لبناني.
ردّ سامي ضاحكاً (أكثر ممّا يتطلّب الموقف): أيري فيك ما أسألك.

ثم أكمل أبو قهوة حديثه وكأنّ سامي أعطاه إشارةً ما، وبدأ يُعدّد:
- ليك شيل المزح بطل السلم وبطل الحرب همزة وصل الشرق الغرب… هلق شيل ع جنب تتضلّ تحبّ وتنحبّ لأيري صراحة انشالله ما حدا يحبّنا.

ثم التفت إلى الوراء، ناحية منال، واعتذر: طلعِتْ. sorry.

أخذتُ أتشاءم من توجّه الحديث. استدركتُ الأمر وقلتُ: ايه فيها وجهة نظر. فالجميع من حولي يبدو «متأمّلاً»، على الأقلّ، كي لا أقول متفائلاً. فمن أنا حتّى أعزل نفسي الآن؟ ربّما تحاليلي هي الأوهام وأوهامهم حقائق. سلّمتُه قهوته وخرجت إلى الشارع. علّق المختار في كلّ الشوارع المحيطة بنا يافطات التبريك للرئيس:

«الوطن رئيساً للوطن»
المختار الدكتور سامي يعقوب يعقوب

ضحكتُ أكثر ممّا ينبغي.

توجّهت نحو حوض الزهور المجاور وقطفت كلّ النعناع البرّي فيها. أحسستُ بعناقٍ من الخلف وأغمضتُ عينيّ. أتتْ جنى.
- انّه مين يعني معقول يغمّضلي عيوني؟
- احزر

للحظة خلتُ أنّ هذا الصوت ليس صوت جنى. العمى مين هيدي؟
- شو احزر؟ جنى!

استدرتُ وكانت جنى بالفعل. قبّلتها وقطعتُ جذور النعناع بيدَي.
- كيف النهار لهلّق؟
- عادي في هول اللي جوّا
- ايه شوي شوي رواق
- انت شو؟ شو صار معك بالجمارك؟
- مشي الحال حرّرولنا البَنّات.
- ههه خي!
- يلا أنا طالعة عالبيت. ولّا بدّك تريّح؟
- لا لا اطلعي أنا هون.

خالُ جنى موظّفٌ سابقٌ في الجمارك، وبحكم الحاجة استعملنا الواسطة اليوم لفكّ حجز شحنتنا من البنّ.
عدتُ إلى داخل القهوة، وكان الزبون الجديد منفعلاً، بينما كانت منال وسامي هادئَين.

- أبو قهوة: هلّق انتو بتلاقوا انو عادي الخروقات ع الحدود؟ رواق؟ بعلمي سيادة واستقلال؟
- منال: ما حدا قال هيك. كلّ اللي قاله سامي انه في ضيع لبنانية بسوريا وضيع سورية بلبنان.
- أبو قهوة: ايه بس هول كمان معابر وتهريب و تعاطي.
- سامي: ايه وسكر وشرمطة و عربدة. شو باك يا زلمة ما هول ضيع كمان فيهن ناسهن مش بس معابر. يعني بالنسبة الك رواق تاكل قصف الضيع بلبنان؟
- أبو قهوة: لأ تاكل قصف الضيع اللبنانية بسوريا؟

صمتنا جميعاً. أدركنا أن الحديث عقيم. أردتُ أن أقول بالرزق ولا بصحابه. ولكن الرّزق كما يقول أبي «عواض الروح»، فقلتُ: طوّلوا بالكم، ودخلتُ وراء البار.
أرسلتُ صورةَ الزبونِ الجديد إلى جنى. فردّت: ليه معصّب؟ شو حطّيتله بالقهوة؟


المرّة الماضية لابتوب الـBOSS وستيكرز قلعة بعلبك، والآن بدأنا ببطل السلم وبطل الحرب وانتهينا بمشكلٍ عابر للحدود. الله يسترنا بكرا.

 

سلسلة

الزاوية

شاي تقيل وقرفة. فرنش برس. تركي. دبل اسبريسو. لاتيه. شاي أخضر. أميركاني.
سبعة زبائن كلَّ صباح. أتعرّف عليهم يوماً بعد يوم، طلباً تلو طلبٍ، وموقفاً تلو موقفٍ.
هذه قصص «الزاوية»، يوميات مقهى ما زال قيد الافتتاح.

بوتين اله مصلحة | فكشن
ممنوع التكلّم بالسياسة | فكشن

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
مختارات من الصحافة الإسرائيلية 16/05/2025 
حدث اليوم - الجمعة 16 أيار 2025
16-05-2025
أخبار
حدث اليوم - الجمعة 16 أيار 2025
5 أسئلة مع سهى منيمنة
16-05-2025
حديث
5 أسئلة مع سهى منيمنة
آخر هدايا الخليج لترامب
جامعة نيويورك تحرم طالب من شهادته بسبب إدانته لإبادة الفلسطينيين
احتجاجاتٌ في سجن رومية